الأعراف: فأما الواو فإن شئت جعلت الآخر هو الأول، والأول هو الآخر، فإذا قلت: "زرت عبد الله وزيدا، فأيهما شئت كان هو المبتدأ بالزيارة" وهذا نصه، وهو موافق لكلام سيبويه وغيره من البصريين والكوفيين.

ونبهت بقولي: "بعدم الاستغناء عنها في عطف مالا يستغنى عنه" على أنه لا يقوم مقام الواو غيرها في نحو: اختصم زيد وعمرو، ولا في نحو: هذان زيد وعمرو، وإن إخوتك عبد الله ومحمدا وأحمد نجباء.

ونبهت بقولي: "ويجوز أن يعطف بها بعض متبوعها تفصيلا" على نحو: (ورسله وجبريل وميكال) و: (على الصلوات والصلاة الوسطى).

وبقولي: "وعاملٌ مضمر على عامل ظاهر يجمعهما معنى واحد" على نحو قوله تعالى: (والذين تَبَوَّءوا الدار والإيمان) فإن أصله: تبوءوا الدار واعتقدوا الإيمان، فاستغنى بمفعول اعتقدوا عنه، وهو معطوف على تبوءوا، وجاز ذلك لأن في اعتقدوا وتبوءوا معنى لازم، واستصحب بهذا معنى قولي: "يجمعهما معنى واحد". ومن هذا القبيل قوله تعالى: (فأجْمعوا أمركم وشركاءكم) لأن أجمع لا يوقع على الشركاء وشبهه من الأشخاص، وإنما يوقع على الأمر والكيد وشبههما من المعاني. ومن هذا القبيل قول الشاعر:

إذا ما الغانياتُ بَرَزْنَ يوما ... وزَجَّجْنَ الحواجبَ والعيونا

فاستغنى بمفعول كحَّلْن عنه، وهو معطوف على زججن، وجاز ذلك، لأن في زجَّج وكَحَّل معنى حَسَّنَ، وأمثال ذلك كثيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015