وإن عطف بالواو على فعل منفي غير مستثنى، ولم يقصد المعية، وليتها "لا" مؤكدة، نحو قوله تعالى: (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى) فبذكر "لا" علم نفي التقريب عن الأموال والأولاد مطلقا، أي في افتراق وفي اجتماع، ولو تركت لاحتمل أن يكون المراد نفي التقريب عند الاجتماع لا عند الافتراق، وذلك أنك إذا قلت: ما قام زيد ولا عمرو، فبذكر "لا" يعلم نفي القيام من زيد وعمرو مطلقا، أي في وقت واحد، وفي وقتين، وبالنسبة إلى أحدهما دون الآخر، وبتركها يحتمل نفي القيام عنهما في وقت واحد، وفي وقتين، ونفيه عن أحدهما دون الآخر.
إلا أن الأولى عند الترك قصد المعية، فإن كانت المعية مفهومة ببعض الجملة كاستوى جاز أن تزاد "لا" توكيدا للنفي المتقدم، لأن اللبس مأمون، كقوله تعالى: (وما يستوي الأعمى والبصير، والذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولا المسيء قليلا) فلا قبل المسيء زائدة، وكذا التي قبل النور والحرور في فاطر.
وقيدت المنفي بكونه غير مستثنى احترازا من نحو: قاموا إلا زيدا وعمرا، فإنه بمعنى: قاموا لا زيد ولا عمرو، فالواو فيه عاطفة على منفي في المعنى، لكنه لا يعرض فيه لبس تزيله "لا"، فاستغنى عنها.
ص: ويقال في "ثُمّ" فُمّ، وثُمّتَ، وثُمّتْ. وتشركها الفاء في الترتيب، وتنفرد ثم بالمهلة، والفاءُ العاطفةُ جملةً أو صفة بالسببية غالبا، وقد تكون معها مهلة. وتنفرد أيضا بعطف مفصل على مجمل متحدين معنى، وبتسويغ الاكتفاء بضمير واحد فيما تضمن جملتين من صلة أو صفة أو خبر. وقد تقع موقع ثم، وثم موقعها. وقد يحكم على الفاء وعلى الواو بالزيادة وفاقا للأخفش. وقد تقع ثم في عطف المقدم بالزمان اكتفاء بترتيب اللفظ.