وقال سيبويه رحمه الله في بعض أبواب الحال: هذا باب ما ينصب كخبر، لأنه معرفة لا توصف ولا تكون وصفا، وذلك قولك: "مررت بكل قائما، ومررت ببعض قائما وبعض جالسا" قلت: وكل وبعض في هذا الكلام بمنزلة المضمر في أنه لا ينعت ولا ينعت به.
وكون العلم يُنْعَت ظاهر، وأما كونه لا ينعت به فلأنه ليس مقيس الاشتقاق وضعا ولا تأويلا، وإن كان مشتقا في الأصل، وذلك عن قصد الاشتقاق بالنقل والغلبة، فهو في امتناع النعت به بمنزلة العلم المرتجل، فإن وقع موقعا صالحا للنعت جعل عطف بيان نحو: رضي الله عن خليفته الصديق، وعن عم نبيه العباس.
ومما ينعتب به ولا يُنْعَت "أي" وكل وجد وحق السابق ذكرها في هذا الكتاب.
فصل: ص: يقام النعت مقام المنعوت كثيرا إن علم جنسه، ونعت بغير ظرف وجملة، أو بأحدهما بشرط كون المنعوت بعض ما قبله من مجرور بمن أوفى، وإن لم يكن كذلك لم يقم الظرف والجملة مقامه إلا في شعر.
واستغنى لزوما عن موصوفات بصفاتها فجرت مجرى الجوامد، ويعرض مثل ذلك في قصد العموم، ويكتفى بنية النعت عن لفظه للعلم به.
ش: يعلم جنس المنعوت باختصاص النعت به، كمررت بكاتب راكب صاهلا، وبمصاحبة ما يعينه كقوله تعالى: (وألَنَّا له الحديدَ * أن اعملْ سابغات) وقوله تعالى: (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا): (كلوا من الطيبات واعملوا صالحا): (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات) فمثل هذا من الحذف