وأكثر المتأخرين يقلد بعضهم بعضا في أنه نعت، ودعاهم إلى ذلك اعتقادهم أن عطف البيان لا يكون متبوعه أخص منه وهو غير صحيح، فإن عطف البيان يقصد به في الجوامد من تكميل المتبوع ما يقصد بالنعت في المشتق وما جرى مجراه، فلا يمتنع أن يكون متبوع عطف البيان أخص منه، كما لا يمتنع أن يكون المنعوت أخص من النعت، وقد هدى أبو محمد بن السيد إلى الحق في هذه المسألة، فجعل ما تبع اسم الإشارة من الرجل ونحوه عطف بيان، وكذا فعل ابن جني، حكاه أبو علي الشلوبين، وهكذا ينبغي، لأن اسم الجنس لا ينعت به وهو غير تابع له، فلو كان نعتا حين يتبع الإشارة لكان نعتا حين يتبع غيره، كقولك: رأيت شخصا رجلا، وأنت لا تريد إلا كونه رجلا لا امرأة، ولا خلاف في امتناع كونه في هذه الصورة نعتا، فيجب ألا يكون في غيرها نعتا، وإلا لزم عدم النظير، أعني جعله اسما واحدا نعتا لبعض الأسماء دون بعض، مع عدم اختلاف المعنى.
ومثل اسم الإشارة في أنه ينعت وينعت به الذي والتي وتثنيتهما وجمعهما، وأسماء النسب المشتقة التي يجوز أن يبدأ بها.
ولا ينعت مضمر الحاضر، ولا ينعت به بإجماع، وكذا مضمر الغائب عند غير الكسائي، ولا يمتنع عنده أن ينعت، ورأيه قوي فيما يقصد به مدح أو ذم أو ترحم، ونحو: صلى الله عليه الرءوف الرحيم، وعمرو غضب عليه الظالم المجرم، وغلامك الطف به البائس المسكين. وغير الكسائي يجعل هذا النوع بدلا، وفيه تكلف.
ومما لا ينعت ولا ينعت به المصدر الذي بمعنى الأمر أو الدعاء كسقيا له، لا ينعت لأنه بدل من اللفظ بالفعل، ولا ينعت به لأنه طلب، فاللام في: سقيا له، وشبهه، متعلقة بالمصدر، وهي للتبيين.