"ومسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما" ولم يجئ لفظ التثنية إلا في شعر كقوله:

فتخالسا نفسَيْهما بنوافذ ... كنوافذ العُبط التي لا تُرْقَع

ولما استقر التعبير عن الاثنين بلفظ الجمع عند وجود الشرط المذكور، صارت إرادة الجمع به متوقفة على دليل من خارج، ولذلك انعقد الإجماع على ألا يقْطعَ في السرقة إلا يد من السارق ويد من السارقة. ولو قصد قاصد الإخبار عن يَدَيْ كل واحد من رجلين لم يكتف بلفظ الجمع، بل تضم إليه قرينة تزيل توهم غير مقصوده، كقوله: قطعت أيديهما الأربع.

وإذا فرق المضاف إليه كان الإفراد مختارًا كقوله تعالى (لُعِن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داودَ وعيسى ابن مريم) وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه: حتى شرح الله صدري لما شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. ولو جيء في مثل هذا بلفظ الجمع أو لفظ التثنية لم يمتنع.

وإن لم يكن المضاف جزأي المضاف إليه ولا كجزأيه لم يعدل عن لفظ التثنية غالبًا نحو: قضيت درهميكما، لأن العدول في مثل هذا عن لفظ التثنية إلى لفظ الجمع موقع في اللبس غالبًا، فإنْ أمن اللبسُ جاز العدول إلى الجمع سماعا عند غير الفراء، وقياسًا عنده، ورأيه في هذا أصح، لكونه مأمون اللبس، مع كثرة وروده في الكلام الفصيح، كقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما "ما أخرجكما من بيوتكما" وقوله لعلي وفاطمة رضي الله عنهما "إذا أويتما إلى مضاجعكما فسبحا الله تعالى ثلاثا وثلاثين الحديث" وفي حديث آخر "هذه فلانة وفلانة تسألانك عن إنفاقهما على أزواجهما ألهما فيه أجر" وفي حديث علي وحمزة رضي الله عنهما "فضرباه بأسيافهما" وأمثال ذلك كثيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015