وربما جُمع المنفصلان إنْ أُمِنَ اللَّبْسُ، ويقاس عليه وفاقا للفراء، ومطابقةُ ما لهذا الجمع لمعناه أو لفظِه جائزة.
ش: المضافان لفظًا إلى مُتضَمِّنَيْهما كقوله تعالى (فقد صَغَتْ قلوبُكما) والمضافان إليهما معنى كقول الشاعر:
رأيْتُ ابني البَكْرِيِّ في حَوْمَةِ الوَغى ... كفاغِرَي الأفواه عند عرين
وهذه العبارة متناولة ما أضيف فيه جزءان أو ما هما كجزأين إلى ما يتضمنهما من مثنى المعنى وإن لم يكن مثنى اللفظ. وسواء كانت الإضافة صريحة "كصغت قلوبكما" أو غير صريحة "كفاغري الأفواه" فإن الأفواه غير مضافة في اللفظ وهي في المعنى مضافة، والتقدير: كفاغِرَيْن أفواههما، يعني أسدين فاتحين أفواههما عند عَرِينِهما ذابَّيْن عن أشبالهما.
فإذا وجدت الشروط في المضافين المذكورين فلفظ الجمع أولى به من لفظ الإفراد، ولفظ الإفراد أولى به من لفظ التثنية، وذلك أنهم استثقلوا تثنيتين في شيئين هما شيء واحد لفظا ومعنى، وعدلوا إلى غير لفظ التثنية، فكان الجمع أولى لأنه شريكهما في الضم، وفي مجاوزة الإفراد. وكان الإفراد أولى من التثنية لأنه أخف منها والمراد به حاصل، إذ لا يذهب وهم في نحو: أكلت رأس شاتين، إلى أن معنى الإفراد مقصود. ولكون الجمع به أولى جاء به الكتاب العزيز نحو (فقد صغت قلوبكما) و (فاقطعوا أيديهما) وفي قراءة ابن مسعود "فاقطعوا أيمانهما" وفي الحديث "إزْرَةُ المؤمن إلى أنصاف ساقيه" وجاء لفظ الإفراد أيضًا في الكلام الفصيح دون ضرورة، ومنه الحديث في وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم