التمحض في إضافة الصفة إلى مرفوعها ومنصوبها وقوع الأول فيها موقع الفعل، ووقوع الثاني موقع مرفوع ذلك الفعل ومنصوبه، وأفعل المضاف بخلاف ذلك، فلم يجز اعتقاد كون إضافته غير محضة. وأيضا فإن المضاف إليه أفعل التفضيل لايليه مع بقاء المعنى المفاد بالإضافة إلا بالإضافة فكان كغلام زيد، ولا خلاف في تمحض غلام زيد، فكذا إضافة أفضل القوم وشبهه، ولأن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة لا ينعت إلا بمعرفة، ولا ينعت به إلا معرفة، ولا تدخل عليه رُبّ، ولا يجمع فيه بين الإضافة والألف واللام، ولا ينصب على الحال إلا في نادر من القول. ولو كانت إضافته غير محضة لكان نكرة ولم يمتنع وقوعه نعتا لنكرة ولا منعوتا بها ولا مجرورا برب ولا مجموعا فيه بين الألف واللام والإضافة، ولا منصبوا على الحال دون استندار.
واحترزت بقولي "دون استندار" من قول المرأة الصحابية لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومالنا أكثر أهل النار" وهو معرفة مؤول بنكرة كغيره من المعارف الواقعة أحوالا. وقد تقدّم الكلام عليهما. ونبهت أيضا على أن إضافة الاسم إلى ما هو في الأصل صفة كمسجد الجامع واسطة بين المحضة وغير المحضة على أصح القولين، لأنها إضافة تصل ما هي فيه بما يليه إمّا بها نحو (ولدارُ الآخرة) وكلا الاستعمالين صحيح فصيح فوجب أن يكون لنوعه اعتباران: اتصال من وجه وانفصال من وجه، فالاتصال من قبل أن الأول غير مفصول بضمير منوي كما هو في إضافة الصفة إلى مرفوعها أو منصوبها، ولأن موقعه لا يصلح للفعل فيقدر تنكيره، ولأن الذي حكم بعدم تمحض إضافته جعل سبب ذلك أن الأصل إضافة الأول إلى موصوف الثاني، فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه. وهذا إذا سُلّم لا يمتنع به تمحض الإضافة، لأن الحكم لا يتغير بحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، وقبل حذف الموصوف كان تمحض الإضافة ثابتا فلا يزول بعد الحذف، كما لا يزول