غيره من أحكام المحذوف الذي أقيم غيره مقامه.
وأما الانفصال في هذا النوع فمعتبر من قِبَل أن المعنى يصح به دون تكلف ما يخرج به عن الظاهر. ألا ترى أن نحو الجانب الغربي والصلاة الأولى والمسجد الجامع والدار الآخرة والحبة الحمقاء مكتفى بلفظه في صحة معناه، وأن نحو جانب الغربي وصلاة الأولى ودار الآخرة ومسجد الجامع وحبة الحمقاء غير مكتفى بلفظه في صحة معناه، بل يحتاج فيه إلى تكلف تقدير، بأن يقال جانب المكان الغربي، وصلاة الساعة الأولى، ودار الحياة الآخرة، ومسجد الوقت الجامع، وحبة البقلة الحمقاء. مع أن بعض هذا النوع لا يحسن فيه تقدير موصوف نحو (دينُ القَيِّمةِ) فإن أصله الدين القيمة. والتاء للمبالغة – فإذا قُدّر محذوف لزم أن يقال دين الملة أو الشريعة، والملة هي الدين وكذا الشريعة، فلزم تقدير مالا يغني تقديره، لأن المهروب منه كان إضافة الشيء إلى نفسه وهو لازم بتقدير الملة والشريعة. وأيضا جعل الأول من هذا النوع منعوتا والثاني نعتا مطّرد كقولهم للحنطة: الحبة السمراء، وللشونيز: الحبة السوداء، وللبطيخ: الحبة الخضراء. والإضافة غير مطردة، لأنها مقصورة على السماع، واعتبار المطرد أولى من اعتبار غير المطرد، ولذلك يجوز الإتباع فيما جازت فيه الإضافة، ولا تجوز الإضافة فيما لم تضفه العرب كالحبة الحمراء، والحبة السوداء، والحبة الخضراء.
والحاصل أن إضافة هذا النوع منوية الانفصال لأصالتها بالاطراد والإغناء عن ترك الظاهر، ومع ذلك لا يحكم بتنكير مضافها لشبهه بما لا ينوى انفصاله من كونه غير واقع موقع فعل، وكون تاليه غير مرفوع المحل ولا منصوبه. ثم نبهت على المضافات الجارية مجرى هذا النوع في اعتبار الاتصال والانفصال. فمنها إضافة المسمّى إلى الاسم كشهر رمضان ويوم الخميس وذات اليمين وذي صباح، وقوله:
إليكم ذوي آل النّبيّ تطلّعت ... نَوازِعُ من قلبي ظِماء وألْبُبُ