وخرج بذكر الصفة إضافة المصدر، وإضافة المميز، وخرج بنسبة الرفع والنصب إلى مجرورها نحو سحقُ عمامة، وكرام الناس، فإن إضافتهما محضة، لأنهما لم يقعا موقع فعل، ولا المجرور بهما مرفوع المحل ولا منصوبه. ثم نبهت إلى أن الصحيح كون إضافة المصدر محضة. وزعم ابن برهان أن إضافته غير محضة لأن المجرور به مرفوع المحل أو منصوبه كقيام زيدٍ وأكل الطعامِ، فالأول مثل حسن الخلق، والثاني مثل ضارب العبد.

قلت: والذي ذهب إليه ابن برهان ضعيف في أربعة أوجه: أحدها أن المصدر المضاف أكثر استعمالا من غير المضاف، فلو جعلت إضافته في نية الانفصال لزم جعل ما هو أقل استعمالا أصلا وهو خلاف المعتاد. الثاني أن إضافة الصفة إلى مرفوعها ومنصوبها منوية الانفصال بالضمير المستتر فيها فجاز أن ينوي انفصالها باعتبار آخر، والمصدر بخلاف ذلك؛ فتقدير انفصاله مما هو مضاف إليه لا محوج إليه ولا دليل عليه. الثالث أن الصفة المضافة إلى مرفوعها أو منصوبها واقعة موقع الفعل المفرد، والمصدر المضاف واقع موقع حرف مصدري موصول بالفعل، والموصول المشار إليه محكوم بتعريفه فليكن الواقع موقعه كذلك. الرابع أن المصدر المضاف إلى معرفة معرفة، ولذلك لا ينعت إلا بمعرفة، فلو كانت إضافته غير محضة لحكم بتنكيره ونعت بنكرة، ولجاز دخول رب عليه وأن يجمع فيه بين الألف واللام والإضافة كما فعل في الصفة المضافة إلى معرفة نحو:

يارُبّ غابطنا

ورأيت الحسن الوجه.

ونبهت أيضا على أن الصحيح في إضافة أفعل التفضيل كونها محضة، نص على ذلك سيبويه – رحمه الله – ويدل على أن ذلك هو الصحيح أن الحامل على اعتقاد عدم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015