الذين أنعمتَ عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين) لوقوع "غير" فيه بين متضادين، وليس ذلك بلازم، كقوله تعالى (نعمل صالحًا غيرَ الذي كُنّا نعملُ) فغير الذي مضاف إلى معرفة وقد قصد به نكرة مع وقوعه بي ضدين، فيجوز كون (غير المغضوب) بدلا لانعتا، ويجوز كونه نعتا مع الحكم بتنكيره، لأن الذين أنعمت عليهم لم يقصد به تعيين، فهو في معنى نكرة فيجوز نعته بنكرة وإن كان لفظه لفظ معرفة، كما يجوز أن ينعت الليل ينسلخ في قول تعالى (وآيةٌ لهم الليلُ نسلخُ منه النهارَ)، لأن الليل وإن كان في صورة معرفة فهو في المعنى نكرة إذ لم يقصد به ليل معيّن، فلذلك نعت بجملة، والجمل لا ينعت بها إلا النكرات.

وإلى هذا الوجه الآخر أشار الفراء والزجاج ورجّحه أبو علي الشلوبين. وزعم المبرد أن "غيرا" لا تتعرّف أبدا. ومن نعت ذي الألف واللام الجنسية بالجملة قول الأعشى:

وتبْردُ بَرْدَ رداءِ العروس ... رَقْرقت في الصيف فيه العبيرا

لأن رداء العروس بمنزلة رداء عروس. وكذا يحكم بتنكير ما يضاف إلى معرفة إضافة غير محضة ولا شبيهة بمحضة، وذلك أن يكون المضاف صفة مجرورها مرفوع بها في المعنى نحو: رأيت رجلا حسن الخَلْق محمودا الخُلُق، أو منصوب نصبا حقيقيا نحو: رأيت رجلا مكرم زيد؛ فالإضافة في هذه الأمثلة وأشباهها غير محضة ولا شبيهة بمحضة، لأن المضاف فيها صفة أضيفت في الأول والثاني إلى ما هو مرفوع بها في المعنى، فإن الأصل رأيت رجلا حسنا خَلْقه محمودا خُلُقه، وأضيف في الثاني إلى ما هو منصوب بها في المعنى نصبا حقيقيا، فإن الأصل رأيت رجلا مكرما زيدا، أي يكرم زيدا. فالنية الانفصال، فإن الموضع موضع فعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015