ومثال جر المقرون بهمزة الاستفهام وبهلّا على الوجه المذكور ما حكى الأخفش في "المسائل" من أنه يقال مررت بزيد، فتقول: أزيد بن عمرو، ويقال: جئت بدرهم، فتقول: هلّا دينارٍ. قال أبو الحسن: وهذا كثير. ومثال الجر بمضمر بعد إنْ والفاء الجزائيتين ما حكى يونس من قولهم: مررت برجل صالح، إلا صالحٍ فطالحٍ، على تقدير: إن لا أمر بصالح فقد مررت بطالح. وأجاز امرر بأيهما أفضل، إن زيدٍ وإن عمروٍ. وجعل سيبويه إضمار الباء بعد إنْ لتضمن ما قبلها إياها أسهل من إضمار رب بعد الواو. فعلم بذلك اطراده عنده، وشبيه بما روى يونس ما في البخاري من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، وإن أربعة فخامس أو سادس". ويجوز رفع أربعة على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وجرها على حذف المضاف وبقاء عمله. ونظائر الرفع أكثر.

قلت: والقياس على هذه الأوجه كلها جائز. ومنعه الفراء في نحو: زيد، لمن قال: بمن مررت؟ والصحيح جوازه لقوله صلى الله عليه وسلم: "أقربهما منك بابا" بالجرّ، إذ قيل له: فإلى أيهما أهدي. وكقول العرب: خيرٍ، بالجر، لمن قال: كيف أصبحت؟، بحذف الباء وبقاء عملها، لأن معنى كيف بأيّ حال، فجعلوا معنى الحرف دليلا، فلو لفظ به لكانت الدلالة أقوى، وجواز الجر أولى.

وقد يجر بحرف محذوف في غيرما ذكر مقيسا ومسموعا، فالمقيس نحو: بكم درهم، - ولا سابقٍ شيئا –

وألا رجلٍ جزاه الله خيرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015