الحالة الأولى: إذا كان الرجل مع أهله، ففي حال الكلام والمعاشرة يتكلم معها ويقول: أنت أجمل النساء، وأنت كذا، ويتكلف في أشياء لعلها غير موجودة، ولكن كنوع من العشرة والمودة والمحبة، وهذا مغتفر.
الحالة الثانية: في الحرب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحرب خدعة)، فالإنسان في الحرب إما أن يخدع خصمه ويغلبه، أو أن يُخدع من الخصم فيقتل، فأباح النبي صلى الله عليه وسلم الكذب إذا كان في حال من هذه الأحوال التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، والغرض بيان أن هناك صوراً أباح النبي صلى الله عليه وسلم للإنسان أنه إما أن يعرِّض في الكلام، أو إذا لم يجد إلا أن يكذب لذلك فله ذلك.
الحالة الثالثة: الصلح بين الناس، فإذا قال الخصم للذي يريد الإصلاح: هل سمعته يشتمني؟ فيقول: لا لم أسمعه يشتمك.
فهذا جائز للإصلاح بين الناس.
والأفضل في هذه الأشياء أن تكون على وجه التعريض، فإن لم ينفع ويؤد الغرض فله أن يقول ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك لا يجوز للإنسان أن يكذب فيه، فلا يجوز له أن يمزح مع إنسان ويقول له: فلان عمل كذا البارحة، ثم تقول: لا أنا كنت أمزح معك، فلا يجوز للإنسان أن يقول ذلك.
فمعنى الحديث: أنا ضامن لك بيتاً في وسط الجنة لو تركت هذا الكذب وإن كنت مازحاً.
الدرجة الثالثة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وببيت في أعلا الجنة) وأعلى الجنة يتشوف إليها كل إنسان، وهذا البيت كما قال صلى الله عليه وسلم هو: (لمن حسَن خلقه، أو لمن حسّن خلقه)، فالإنسان الحسن الخلق فاز على جميع هؤلاء، وارتفع إلى أعلى الجنات بحسن خلقه.