قيل: يا رسول الله، فالخيل؟ قال: (الخيل لثلاثة: هي لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر) فأصحاب الخيول ثلاثة أصناف.
(فأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياءً وفخراً ونواءً لأهل الإسلام، فهي له وزر)، فالإنسان الذي يربط خيله من أجل أن يفتخر بها ومن أجل أن يتعالى ويستكبر على الناس ويكيد لأهل الإسلام، تكون خيله عليه وزر.
(وأما التي هي له ستر -أي: يستره الله عز وجل بها- فرجل ربطها في سبيل الله ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها، فهي له ستر) يعني: أنه ربطها وجهزها فإن احتاجها في سبيل الله، أو احتاجها رجل مسلم لبعض حاجته أعطاه فلم ينس حق الله سبحانه وتعالى في ظهورها ولا في رقابها، إذ هو يطعمها ويعلفها ولا ينسى حق الله وهو أن يعين بها من يحتاج لذلك.
والخيل ليس فيها زكاة، وبهيمة الأنعام فيها زكاة من جنسها، وأما الخيل فلا زكاة فيها من جنسها إلا أن تكون للتجارة، فسواء كانت خيولاً وحميراً أو أي نوع من أنواع عروض التجارة فإن عليه زكاة عروض التجارة، فتقوَّم عليه ثم يخرج ربع العشر فيها إذا كان يتاجر فيها، وأما إذا لم يكن يتاجر بها وإنما رباها عنده فليس فيها زكاة، ولكن الذي عليه هو ما ذكر في هذا الحديث وهو أن يعرف الحق الذي فيها،.
(وأما التي هي له أجر: فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج أو روضة) أي: جهزها للجهاد في سبيل الله عز وجل للمجاهدين، قال: (فما أكلت من ذلك المرج أو الروض أو من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات).
والجهاد في سبيل الله أجره عظيم، والإنسان الذي يجهز الخيل للجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى له أجر عظيم، لكن الآن قليل من البلدان التي يكون فيها مثل ذلك، ولكن في الماضي كانوا يحتاجون إلى ذلك، فكان الذي يجهز هذا له هذا الأجر العظيم.
فالإنسان الذي جهز خيله للجهاد في سبيل الله عز وجل كونها تأكل الأكل في المرج أو الروضة التي هي فيها يكون لصاحبها حسنات، قال: (إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات، وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات) حتى الروث والبول من الخيل يكون له حسنات.
(ولا تقطع طولها فاستنت شرفاً أو شرفين إلا كتب له عدد آثارها وأرواثها حسنات)، والطول: الحبل الذي يربط فيه الخيل أو بهيمة الأنعام في قدمها حتى لا تذهب من المكان التي هي فيه، فإذا قطعت الحبل وذهبت هنا أو هناك في جهاد أو غيره، فإن عدد الخطوات التي خطتها تكتب لصاحبها حسنات.
قال صلى الله عليه وسلم: (ولا مر بها صاحبها على نهر فشربت منه ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله تعالى له عدد ما شربت حسنات)، فصاحب الخيل الذي جهزها في سبيل الله إذا مر بها على نهر وهو لا يريدها أن تشرب ففلتت وشربت فإنه يكتب له أجر ما شربت حسنات، فيكتب له كل شيء طالما أنه جهزها في سبيل الله سبحانه وتعالى.
وأي: شيء معروض للتجارة ففيه زكاة عروض التجارة، سواء باع سلاحاً أو خيلاً أو حميراً فإنه يلزمه الزكاة.