"وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت: أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان فإنه لا يزال في زيادة حتى يتم" بجميع أموره المعتبرة فيه من صلاةٍ وزكاةٍ وصيامٍ وغيرها، ولهذا نزل في آخر عمره -عليه الصلاة والسلام-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [(3) سورة المائدة].
"وسألتك: أيرتد أحد سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت: أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب" القلوب مفعول، وبشاشته فاعل، أي تخالط بشاشة الإيمان القلوب التي يدخل فيها، وفي رواية: (يخالط بشاشةَ) بالنصبِ، والقلوبِ مجرور على الإضافة، والمراد ببشاشة القلوب انشراح الصدور، والفرح والسرور بالإيمان.
"وسألتك هل يغدر؟ فذكرت: أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر" لأنها لا تطلب حظ الدنيا الذي لا يبالي طالبه بالغدر بخلاف من طلب الآخرة، من طلب الآخرة لا يمكن أن يسعى من أجل تحقيقها والسعي إليها بأمرٍ يحرمه الله عليه، لا شك أن ما عند الله لا ينال بسخطه كما هو معروف.
"وسألتك بما يأمركم؟ " بإثبات الألف مع (ما) الاستفهامية وهو قليل، قاله الزركشي وغيره، الأصل الحذف (بم) هذا الكثير الغالب {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ} [(1) سورة النبأ] ما في (عمّا) يتساءلون؟ الأصل حذف الألف، وإثباتها قليل كما هنا، "فذكرت: أنه يأمركم أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان" جمع وثن وهو الصنم، واستفاده هرقل من قوله: "ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول: آباؤكم" لأن مقولهم الأمر بعبادة الأوثان، "ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف" وهذا تقدم، ولم يعرج هرقل على الدسيسة التي دسها أبو سفيان، يعني قوله: "ونحن منه في مدة ما ندري ما هو صانع فيها؟ " لم يعرج عليها، لأنها لا رصيد لها من الواقع، وهي أيضاً من عدو.
وسقط هنا إيراد السؤال العاشر وجوابه، وثبت ذلك في كتاب الجهاد "وسألتك هل قاتلتموه وقاتلكم؟ فزعمت أنه قد فعل، وأن حربكم وحربه تكون دولاً، يدال عليكم المرة وتدالون عليه الأخرى، وكذلك الرسل تبتلى وتكون لها العاقبة"، هذا السؤال العاشر سقط هنا إيراده.