ثم قال هرقل لأبي سفيان: "فإن كان من تقول حقاً" لأن الخبر يحتمل الصدق والكذب كما هو معروف "فسيملك -يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- موضع قدمي هاتين -يعني أرض ملكه- وقد كنت أعلم أنه خارج" قاله لما عنده من علامات نبوته -عليه الصلاة والسلام- الثابتة في الكتب القديمة، وفي رواية في كتاب التفسير: "فإن كان ما تقول حقاً فإنه نبي" وفي الجهاد: "وهذه صفة نبي"، "لم أكن أظن أنه منكم" يعني من قريش، "فلو أني أعلم أني أخلص -أي أصل- إليه لتجشمت" أي لتكلفت لقاءه على ما فيه من المشقة، قال ابن بطال: "هذا التجشم هو الهجرة"، وفي مرسل ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أن هرقل قال: "ويحك، والله إني لأعلم أنه نبي مرسل، ولكني أخاف الروم على نفسي ولولا ذلك لاتبعته"، وخفي على هرقل قوله -صلى الله عليه وسلم- الآتي في كتاب النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((اسلم تسلم)) خفي عليه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أسلم تسلم)) فلو حمل الجزاء السلامة تسلم، على عمومه في الدارين لسلم، لسلم لو أسلم من جميع المخاوف في الدنيا والآخرة، "ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه"، قال ذلك مبالغةً في الخدمة، وفي رواية: "لغسلت عن قدمه"، أو في رواية: "لغسلتُ قدميه" بدون عن، ثم دعا هرقل بكتاب النبي -عليه الصلاة والسلام-.
أحسن الله إليكم، عندما قال هنا: سألتك هل كان في آبائه من ملك؟ هل كانت قريش لا تعتبر عبد المطلب ملكاً في وقتها وليس له إمرة، وبالتالي لا يحتسبون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- من سلالة قومٍ كان لهم رأي في قريش؟
العرب في الجاهلية عاشوا فوضى، ليس هناك ملك مرتب منظم كما عند غيرهم من الأمم، فهو في الاصطلاح أو في العرف السياسي سواء كان في القديم أو الحديث لا يسمى ملك، كبير وسيد وكبير قوم، ليس بملك عرفاً؛ لأنهم يعيشون فوضى، ما اعتبر ملك.
هذه الحادثة كانت في أثناء فترة الصلح؟
أي نعم، بعد صلح الحديبية سنة ست.
ثم حصل بعدها ما حصل من إسلام أبي سفيان -رضي الله عنه- ونقل هذه الحادثة إلى الصحابة؟