قال هرقل: "هل قال هذا القول منكم من قريش أحد قط؟ " بتشديد الطاء المضمومة، ولا يستعمل إلا في الماضي المنفي، واستعمل هنا بغير أداة النفي وهو نادر، وأجيب بأن الاستفهام حكمه حكم النفي، كأنه قال: هل قال هذا القول أحد أو لم يقله أحد قط قبله؟ بالنصب على الظرفية، وفي روايةٍ: مثله؟ "قلت: لا"، أي لم يقله أحد قبله، قال هرقل: "فهل كان من آبائه من ملك؟ " بكسر اللام، و (من) بكسر الميم، وفي رواية: (مَن ملَك) مَن بفتح الميم ومَلك بكسر اللام فعل ماضي، وروي بإسقاط (مِن) والأول أشهر وأرجح، من ملِك.
قال أبو سفيان: "قلت: لا"، قال هرقل: "فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ " قال: أبو سفيان: "قلت: بل ضعفاؤهم" أي اتبعوه، والشرف: علو الحسب والمجد، وقد شرُف بالضم فهو شريف، وقوم شرفاء وأشراف، وجاء في الحديث عند الترمذي ((الحسب المال)) لا شك أن المال حسب، ووسيلة إلى الشرف، شرف الدنيا، وشرف الآخرة إن استعمل فيما يرضي الله -سبحانه وتعالى-، وخصص ابن حجر الشرف هنا بأهل النخوة والتكبر؛ لأنه لا كل شريف ليخرج مثل أبي بكر وعمر ممن أسلم قبل سؤال هرقل، وتعقبه العيني بأنهما من أهل النخوة أيضاً، فقول أبي سفيان جرى على الغالب، يعني غالب أتباعه -عليه الصلاة والسلام- هم الضعفاء، وفي رواية ابن إسحاق: "تبعه من الضعفاء والمساكين والأحداث، وأما ذوو الأنساب والشرف فما تبعه منهم أحد"، قال ابن حجر: "وهو محمول على الأكثر الأغلب.
قال هرقل: "أيزيدون أم ينقصون؟ " بهمزة الاستفهام، وفي روايةٍ بإسقاطها، وجزم ابن مالك بجوازه مطلقاً خلافاً لمن خصه بالشعر، يعني مثل قوله:
. . . . . . . . . ... بسبعٍ رمينا الجمر أم بثمان؟
هذا قالوا: خاص بالشعر، وابن مالك يجوزه مطلقاً، و (أم) إنما يعطف بها إثر الهمزة من بين حروف الاستفهام، كما قال ابن مالك -رحمه الله تعالى-:
وأم بها اعطف إثر همز التسوية ... أو همزةٍ عن لفظ أي مغنية