الموضع التاسع: كتاب الأدب، باب رفع البصر إلى السماء، وقوله تعالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [(17) سورة الغاشية] قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال: سمعت أبا سلمة ابن عبد الرحمن يقول: أخبرني جابر بن عبد الله فذكره، ومناسبته ظاهرة لقوله: ((فرفعت بصري إلى السماء)) مناسبة الحديث لباب (رفع البصر إلى السماء) ظاهرة، لكن اقتصار الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- على قوله تعالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} والترجمة باب (رفع البصر إلى السماء) لماذا لم يأتي بالآية التي بعدها؟ {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ} [(17 - 18) سورة الغاشية]؟ أيهما أصرح في المراد؟ الآية الثانية هي الصريحة في المراد، هي المطابقة للترجمة، جاءت في بعض الروايات، الآية الثانية جاءت في بعض الروايات دون بعض من الصحيح.

وعلى كل حال اقتصار البخاري على هذه الآية هو المناسب لتصرفاته -رحمه الله تعالى-، فالبخاري يستدل بالغامض ويترك الصريح الواضح؛ لأن الذي يحتاج إلى النظر أو ينظر إلى الإبل نظر اعتبار ينظر في الغالب إلى أعلاها؛ لأنه هو موضع العجب، وإذا نظر إلى أعلاها اضطر أن يرفع بصره، فلا شك أن الاستدلال من هذه الآية لما ترجم به فيه غموض، وفيه بعد، والآية التي تليها صريحة في المراد، فالبخاري -رحمه الله تعالى- قد يعمد إلى الغامض دون الصريح، وهذه عادته -رحمه الله تعالى-، وإن وجدت الآية في بعض الروايات، لكن أكثر رواياته ليس فيها الآية الثانية.

طالب: فضيلة الشيخ ذكرتم -حفظكم الله- كلام الإمام البخاري قبل قليل في قوله تعالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [(17) سورة الغاشية] ثم ذكرتم التوجيه لاستدلاله بالآية، ولكن أليس من المناسب أن يقال في توجيه كلامه -رحمه الله تعالى-: أنه قد ورد أن من معاني (الإبل) أنها هي السحاب، والسحاب موجود في السماء؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015