لا أعرف هذا القول منسوباً لأحدٍ من أهل العلم، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فإن كان ذلك ثابت عن أحد من أهل اللغة المعتبرين أو من المفسرين من الصحابة أو من دونهم فيكون المعنى ظاهر، إذا كان المراد بالإبل السحاب، وتراجع المسألة -إن شاء الله تعالى- في مظانها، وعلى كل حال اللائق بتصرفات الإمام البخاري مثلما ذكرت، يعدل عن الشيء الصريح الواضح إلى الغامض الذي قد لا يدرك.

ولا شك أن الإنسان بخلقته التي خلقه الله عليها أقل بكثير من مستوى الإبل، فإذا أراد أن ينظر إليها نظر اعتبار وتفكر اضطر أن يرفع بصره إلى رأسها مثلاً، إذا رفع الإنسان رأسه إلى رأس هذا البعير أو ما أشبهه فإنه يحتاج إلى أن يرفع رأسه رفعاً ينظر فيه إلى السماء.

طالب: أحسن الله إليك، لماذا يستدل البخاري دائماً بالغامض ويترك الصريح؟ هل لأن الصريح واضح، أو يريد أن يدرب طالب العلم على البحث والنظر؟

الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- عرفنا دقته وخفاء أدلته -رحمه الله تعالى- على كثير ممن تصدى لشرح كتابه، فضلاً عن من يجهل مقاصد الكتاب، ومغازي الكتاب، وطريقة المؤلف في الكتاب، ومنهج المؤلف في الكتاب، فالإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يعدل عن الصريح لوضوحه، فلا يحتاج إلى أن يذكره، وقد يترجم بالشيء الواضح، ويستدل له بالشيء الواضح للإيماء إلى أن مثل هذا الواضح قد خفي على بعض الناس، كقول الإمام البخاري -رحمه الله-: (باب قول الرجل: ما صلينا) واستدل لذلك بحديث قال فيه عمر -رضي الله عنه-: "ما صليت"، أو قال النبي -عليه الصلاة والسلام- أيضاً: ((وأنا والله ما صليتها)) فترجم ظاهرة والمستدل به ظاهر، ويريد بذلك الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- الرد على من أنكر مثل هذا القول، يريد بذلك الرد على من أنكر مثل هذا القول، وخفي عليه مثل هذا الدليل.

المقدم: أحسن الله إليكم، نستمر في قراءة الأحاديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015