هيَ أسبابٌ، والقَدَرُ وراءَ ذلك. وقد وجدنا من خالطَ المصابَ بالأمراض التي اشتهرتْ بالإعْدَاءِ، ولم يتأثَّرْ بذلكَ. ووجدْنَا من احترزَ عن ذلكَ، الاحترازَ الممكنَ، وأُخِذَ بذلكَ المرضِ.
(وعَدْوا) في آخرِ البيتِ، مصدرُ قولِكِ عَدَا يَعْدُوْا عَدْواً، إذا أسرعَ في مَشْيِهِ، إشارةٌ إلى قولِهِ: ((فِرَّ منَ الْمَجْذُومِ فِراركَ من الأسدِ)) .
وإنْ لم يمكنِ الجمعُ بينَ الحديثينِ المختلفينِ، فإنْ عُرف المتأخّرُ منهما فإنَّهُ يُصارُ حينئذٍ إلى النسخِ، ويعملُ بالمتأخِّرِ منهما. وإنْ لم يدُلَّ دليلٌ على النسخِ، فقد تعارضَا حينئذٍ فيُصَارُ إلى الترجيحِ، ويُعْمَلُ بالأرجحِ منهما، كالترجيحِ بكثرةِ الرواةِ، أو بصفاتِهِم في خمسينَ وَجْهاً من وُجوهِ الترجيحاتِ وأكثرَ. كذا ذكرَ ابنُ الصلاحِ: أنَّ وجوهَ الترجيحاتِ خمسونَ، وأكثرُ. وتَبِعَ في ذلكَ الحازميَّ، فإنَّهُ كذلكَ قالَ في كتابِ " الاعتبار " لهُ في الناسخِ والمنسوخِ. وقد رأينا أنْ نسرُدَها مُختصَرةً:
الأولُ: كثرةُ الرواةِ.
الثاني: كونُ أحدِ الراوِيَيْنِ أتقنَ وأحفظَ.
الثالثُ: كونُهُ مُتَّفَقاً على عدالتِهِ.
الرابعُ: كونُهُ بالغاً حالةَ التحمُّلِ.
الخامسُ: كونُ سماعِهِ تحديثاً، والآخَرِ عَرْضاً.
السادسُ: كونُ أحدِهما سماعاً، أوْ عَرْضاً، والآخرِ كتابةً، أو وِجادةً، أو مُناولةً.
السابعُ: كونُهُ مباشراً لما رواهُ.
الثامنُ: كونُهُ صاحبَ القِصَّةِ.
التاسعُ: كونُهُ أحسنَ سياقاً، واستقصاءً لحديثِهِ.