وروينا عن الخليلِ بنِ أحمدَ أنَّهُ قالَ لأبي عُبيدةَ معمرِ بنِ المثنى: لا تَرُدَّنَّ على معجبٍ خطأً، فيستفيدَ منكَ علماً، ويتخذَكَ بهِ عدواً.

ولتكنْ همةُ الطالبِ تحصيلَ الفائدةِ، سواءٌ وقعتْ له بعلوٍّ أمْ بِنُزولٍ ولا يأَنَفْ أنْ يكتبَ عمَّنْ هو دونَه ما يستفيدُهُ. روينا عن سفيانَ ووكيعٍ قالاَ: لا يكونُ الرجلُ مِنْ أهلِ الحديثِ، حتَّى يكتبَ. وقالَ وكيعٌ: لا يكونُ عالماً حتى يأخذَ عمَّنْ هو فوقَهُ، وعمَّنْ هو دونَه، وعمَّنْ هو مثلُهُ. وكانَ ابنُ المباركِ يكتبُ عمَّنْ هو دونَهُ، فقيلَ لهُ، فقالَ: لعلَّ الكلمةَ التي فيها نجاتي لم تَقَعْ لي.

وليحذرِ الطالبُ أنْ تكونَ هِمَّتُهُ تكثيرَ الشيوخِ لمجرَّدِ اسمِ الكثرةِ وصيتِها، قالَ ابنُ الصلاحِ: وليسَ بموفَّقٍ مَنْ ضَيَّعَ شيئاً من وقتهِ في ذلكَ.

وروينا عن عفَّانَ أنَّهُ سمعَ قوماً يقولونَ: نسخْنَا كُتُبَ فلانٍ، فقالَ: هذا الضربُ من َالناسِ، لا يُفلِحُونَ. كُنَّا نأتي هذا فنسمعُ منهُ ما ليسَ عندَ هذا، ونسمعُ مِنْ هذا ما ليسَ عندَ هذا، فقدمْنَا الكوفةَ، فأقمنا أربعةَ أشهرٍ، ولو أردْنا أنْ نكتبَ مائةَ ألفِ حديثٍ، لكتبناها، فما كتبْنَا إلا قدرَ خمسةِ آلافِ حديثٍ، وما رضيِنَا مِنْ أحدٍ إلاَّ بالإملاءِ؛ إلاَّ شريكَ فإنَّهُ أَبى علينا. قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وليسَ من ذلكَ قولُ أبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015