، ونَحُوه عن ابنِ المباركِ ويحيى بن مَعينٍ. وروينا عن يحيى بنِ معينٍ، قالَ: مَنْ بَخِلَ بالحديثِ، وكَتَمَ على الناسِ سماعَهُم، لم يُفْلِحْ. وروينا عن إِسْحَاقَ بنِ راهويهِ، قالَ: قد رأيْنَا أقواماً مَنَعُوا هذا السَّماعَ، فواللهِ ما أفلحُوا ولا أنجحوا. قالَ الخطيبُ: ((والذي نَسْتَحِبُّهُ إفادةَ الحديثِ لمنْ لم يسمَعْهُ والدّلالةَ على الشُّيُوخِ والتنبيهَ على رواياتهِم، فإنَّ أَقَلَّ ما في ذلكَ النُّصْحُ للطالبِ، والحفظُ للمطلوبِ، معَ ما يُكْتَسَبُ بهِ من جزيلِ الأجرِ، وجميلِ الذِّكْرِ)) ، ثُمَّ رَوَى بإسنادهِ إلى ابنِ عبَّاسٍ رَفَعَهُ، قالَ: إخواني تَنَاصَحُوا في العِلْمِ ولا يَكتُمْ بعضُكُم بعضاً، فإنَّ خيانةَ الرجلِ في علمِهِ، أشدُّ من خيانتهِ في مالِهِ، ثُمَّ رَوَى عن الثَّوريِّ قالَ: لِيُفِدْ بعضُكم بعضاً، وهذا يدلُّ على أنَّ ما رُوِيَ عنهُ وعمَّنْ تقدَّمَ ذكرُهُ مِنَ الأئِمَّةِ ممَّا يخالفُ ذلكَ محمولٌ على كَتْمِهِ عمَّنْ لَمْ يَرَوْهُ أهلاً، أو على مَنْ لَمْ يَقْبلِ الصوابَ إذا أُرْشِدَ إليهِ، أو نحوِ ذلكَ.
وقد قالَ الخطيبُ: ((مَنْ أدَّاْهُ - لجهلهِ - فَرْطُ التِّيهِ والإعجابِ إلى المحاماةِ عن الخطأِ والمماراةِ في الصوابِ، فهو بذلكَ الوصفِ مذمومٌ مأثومٌ، ومُحْتجِزُ الفائدةِ عنه غيرُ مؤَنَّبٍ ولا مَلُومٍ)) .