في بلوغِ هذا السِّنِّ يتفاوتونَ بِحَسَبِ اختلافِ أحوالهِمِ)) . وروينا عن أبي محمدِ بنِ خَلاَّدٍ، قالَ: فإذا تناهَى العُمْرُ بالمحدِّثِ فأعْجبُ إليَّ أنْ يُمْسِكَ في الثمانينَ؛ فإنَّهُ حَدُّ الْهَرَمِ. قالَ والتسبيحُ، والذِّكْرُ، وتلاوةُ القرآنِ؛ أَوْلَى بأبناءِ الثمانينَ فإنْ كانَ عقلُه ثابتاً، ورأيُهُ مُجْتَمعاً، يَعْرِفُ حديثَهُ، ويقومُ بهِ، وتحرَّى أنْ يُحدِّثَ احتساباً، رَجَوْتُ له خيراً؛ كالحضرميِّ وموسى وعَبْدَانَ. قالَ: ولم أرَ بفَهْمِ أبي خَلِيْفَةَ وضَبْطِهِ بأساً معَ سِنِّهِ. انتهى كلامُهُ. وقد حَدَّثَ جَمَاعةٌ من الصَّحابةِ فمَنْ بعدَهُم بعدَ مجاوزةِ الثمانينَ. فمِنَ الصحابةَ: أنسُ بنُ مالكٍ، وعبدُ اللهِ بنُ أبي أوفى، وسَهْلُ بنُ سَعْدٍ، في آخَرِينَ. ومن التَّابِعِيْنَ: شُرَيْحٌ القَاضِي، ومجاهدٌ، والشعبيُّ، في آخرينَ. ومِنْ اتباعِهِم: مالكُ بنُ أنسٍ، واللَّيْثُ بنُ سعدٍ، وسفيانُ بنُ عُيينةَ، في آخَرِين منهم. وممَّنْ بعدَهُم، وقدْ ذَكَرَ القاضي عياضٌ أنَّ مالكَاً قالَ: ((إنَّمَا يَخْرِّفُّ الكذَّابُونَ)) وقد حَدَّثَ جماعةٌ بعدَ أنْ جاوزوا المائةَ.

فمِنَ الصحابةِ: حَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ، ومِنَ التابعينَ: شَرِيْكُ بنُ عبدِ اللهِ النَّمرِيُّ، ومِمَّنْ بعدَهم: الحسنُ بنُ عَرَفَةَ، وأبو القاسمِ عبدُ اللهِ بنُ محمّدٍ البغويُّ، وأبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ عَلَيٍّ الْهُجَيْمِيُّ، حَدَّثَ وهو ابنُ مائةٍ وثلاثِ سنينَ، والقاضي أبو الطَّيِّبِ طاهرُ بنُ عبدِ اللهِ الطَّبَرِيُّ، والحافظُ أبو الطاهرِ أحمدُ بنُ محمّدٍ السِّلَفيُّ، وغَيْرُهُم؛ ولم يتغيرْ أحدٌ منهم. وقَرَأَ القَارِئُ يومَاً على الْهُجَيْمِيِّ بعدَ أنْ جاوزَ المائَةَ، وأرادَ اختبارَهُ بذلكَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015