إنَّ الجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ ... كالكَلْبِ يَحْمِي جِلْدَهُ برَوْقِهِ
فقالَ لَهُ الْهُجَيْمِيُّ: قُلِ الثَّوْرَ يا ثَوْرُ! فإنَّ الكلبَ لا روقَ لَهُ، فَفَرِحَ الناسُ بصحَّةِ عَقلهِ وجودةِ حسِّهِ. قالَ الجوهريُّ: ((والرَّوْقُ: القَرْنُ)) . قالَ الْقَاضِي عياضٌ: ((وإنما كرهَ مَنْ كرهَ لإصحابِ الثمانينَ التحديثَ؛ لأنَّ الغالبَ على مَنْ يَبْلُغُ هذا السِّنَّ اختلالُ الجسْمِ، والذِّكْرِ، وضَعْفِ الحالِ، وتغَيُّرِ الفَهْمِ، وحلولِ الخَرَفِ؛ مخافةَ أنْ يبدأَ به التغيرُ والاختلالُ، فلا يفطنُ له إلاَّ بعدَ أنْ جازتْ عليهِ أشياءُ)) .
694 ... وَينْبغي إمْسَاكُ الاعْمَى إنْ يَخَفْ ... وَإِنَّ مَنْ سِيْلَ بِجُزْءٍ قَدْ عَرَفْ
695 ... رُجْحَانَ رَاوٍ فِيْهِ دَلَّ فَهْوَ حَقّْ ... وَتَرْكُ تَحْدِيْثٍ بِحَضْرَةِ الأَحَقّْ
696 ... وَبَعْضُهُمْ كَرِهَ الأَخْذَ عَنْهُ ... بِبَلَدٍ وَفِيْهِ أَوْلَى مِنْهُ
أي: ويَنْبَغِي لِمَنْ عَمِيَ وخافَ أنْ يدخلَ عليهِ ما ليسَ مِنْ حديثِهِ، أنْ يُمسِكَ عن الروايةِ. ويَنْبَغِي أَيضاً للمحدِّثِ إذا سُئِلَ بجزءٍ، أو كتابٍ أنْ يُقْرَأَ عليهِ، وهو يعلمُ أنَّ غيرَهُ في بلدتهِ أو غيِرها أرجحُ في روايتِهِ منهُ، بكونِهِ أعلى إسناداً منهُ فيهِ، أو سماعُ غيرِهِ متَّصِلاً بالسَّمَاعِ وفي طريقِهِ هو إجازةٌ، أو غيرُ ذلك من التَّرْجِيْحَاتِ أنْ يُدِلَّ السائلَ على