سنةً، كَتَبَ عَنِّي شيخُنا أبو القاسمِ الأزهريُّ أشياءَ في سنةِ اثنتي عَشْرَةَ وأربعمائةٍ. انتهى. وقد حَدَّثَ شيخُنُا الحافظُ أبو العباسِ أحمدُ بنُ مُظَفَّرٍ، وسنُّهُ ثماني عَشْرَةَ سنةً، سمعَ منهُ الحافظُ أبو عبدِ اللهِ الذهبيُّ سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وستمائةٍ، وحَدَّثَ عنهُ في "مُعْجَمِهِ" بحديثٍ من " الأفرادِ " للدَّارقطنيِّ، وقالَ عقِبَهُ: أملاهُ عليَّ ابنُ مُظَفَّرٍ، وهو أمردُ. وقد حدَّثَ شيخُنا أبو الثناءِ محمودُ بنُ خليفةَ المنبجيُّ ولهُ عشرونَ سنةً، سمعَ منهُ شيخُنا العلاَّمةُ شيخُ الإسلامِ تقيُّ الدينِ السُّبْكيُّ أحاديثَ من " فضائلِ القرآنِ "، لأبي عُبيدٍ.
قلتُ: وقدْ سَمِعَ مِنِّي صاحبُنا العلاَّمَةُ أبو محمودٍ محمدُ بنُ إبراهيمَ المقدسيُّ، وَلِيَ عشرونَ سنةً، سنةَ خمسٍ وأربعينَ، وقد سَمِعَ على شيخِنَا الحافظِ عمادِ الدِّيْنِ بنِ كثيرٍ حديثاً من " أماليِّ ابنِ سمعونَ "، ولم أُكْمِل يومَئِذٍ ثلاثينَ سنةً، سنةَ أربعٍ وخمسينَ بدمشقَ. وهذا ونحوُهُ من روايةِ الأكابرِ عنِ الأَصاغرِ. وقد حملَ ابنُ الصَّلاحِ كلامَ ابنِ خَلاَّدٍ على مَحْمِلٍ صَحيحٍ، فقالَ: ما ذكرَهُ ابنُ خَلاَّدٍ غيرُ مُسْتَنْكَرٍ، وهو محمولٌ على أنَّهُ قالَهُ فيمَنْ يَتَصَدَّى للتَّحْدِيْثِ ابتداءً من نفسِهِ من غيرِ بَرَاعَةٍ في العِلْمِ تعجَّلَتْ له قبلَ السنِّ الذي ذَكَرَهُ. فهذا إِنما ينبغي له ذلكَ بعدَ استيفاءِ السنِّ المذكورِ، فَإنَّهُ مِظنَّةُ الاحتياجِ إلى ما عندَهُ. قالَ: ((وأَمَّا الذينَ ذكرَهُم عياضٌ ممَّنْ حَدَّثَ قبلَ ذلكَ، فالظاهرُ أَنَّ ذلكَ لبراعةٍ منهم في العلمِ تقَدَّمَتْ، ظهرَ لهمُ معها الاحتياجُ إليهم فحدَّثوا قبلَ ذلكَ، أوْ لأنَّهمَ سُئِلُوا ذلكَ، إمَّا بصريحِ السؤالِ، وإمَّا بقرينةِ الحالِ)) انتهى كلامُهُ.
وإليهِ الإشارةُ بقولي: (والشَّيخُ بغيرِ البارعِ خَصَّصَ) أي: خَصَّصَ كلامَ ابنِ خَلاَّدٍ بغيرِ البارعِ في العلمِ.
691.... وَيَنْبَغِي الإِْمْسَاكُ إِذْ يُخْشَى الْهَرَمْ ... وَبالْثَمَانِيْنَ ابْنُ خَلاَّدٍ جَزَمْ
692.... فَإِنْ يَكُنْ ثَابِتَ عَقْلٍ لَمْ يُبَلْ ... كَأَنَسِ وَمَالِكٍ وَمَنْ فَعَلْ
693.... وَالْبَغَوِيُّ وَالْهُجَيْمِيْ وَفِئَهْ ... كَالطَّبَرِيِّ حَدَّثُوْا بَعْدَ الْمِائَهْ
لَمَّا ذكرَ السِّنَّ الذي ينبغي فيهِ التَّحْدِيثُ ذكرَ بعدَهُ السِّنَّ الذي ينبغي عنده الإمْسَاكُ عن التَّحْدِيْثِ، قالَ القاضي عياضٌ: ((الحدُّ في تركِ الشيخِ التحديثَ التَّغيُّرُ، وخوفُ الخَرَفِ)) ، وكذا قالَ ابنُ الصلاحِ: ((هو السِّنُّ الذي يُخْشَى عليهِ فيهِ مِنَ الْهَرَمِ والخَرَفِ، وَيُخَافُ عليهِ فيهِ أَنْ يُخَلِّطَ، ويرويَ ما ليسَ من حديثِهِ. قالَ: والناسُ