أُحِبُّ أَنْ أتَفَهَّمَ ما أُحَدِّثُ بهِ عنْ رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وروينا عنهُ أَيضاً أنَّهُ كانَ يغتسلُ لذلكَ ويتبخَّرُ ويتطَيَّبُ، فإنْ رفعَ أحدٌ صوتَهُ في مجلسِهِ زَبَرَهُ، وقالَ: قالَ اللهُ تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذْيِنَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} ، فَمَنْ رَفَعَ صوتَهُ عِندَ حديثِ رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فكأَنَّمَا رفعَ صوتَهُ فوقَ صوتِ رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقولي: (وهَبْ لم يُخْلِصِ النِّيَّةَ) أي: وَهَبْ أنَّ الطالبَ لم يُخْلِصْ نِيّتَهُ فلا تمتنِعْ من تحديثِهِ، بلْ عُمَّ كُلَّ طالبِ علمٍ. وروينا عن الثوريِّ أنَّهُ قالَ: ما كانَ في الناسِ أفضلُ مِنْ طلبةِ الحديثِ، فقالَ لهُ ابنُ مهديٍّ: يطلبونَهُ بغيرِ نِيَّةٍ، فقالَ: طلبهُم إيَّاهُ نِيَّةٌ. وروينا عن حبيبِ بنِ أبي ثابتٍ ومَعْمَرٍ بنِ راشدٍ أنَّهُما قالاَ: طلبنَا الحديثَ وما لنا فيه نيَّةٌ، ثُمَّ رزقَ اللهُ عزَّ وجلَّ النِّيَّةَ بَعْدُ وروينا عن مَعْمَرٍ أيضاً، قالَ: إنَّ الرجلَ ليطلبُ العلمَ لغيرِ الله فيأبَى عليهُ العلمُ حتى يكونَ للهِ عزَّ وجلَّ. قالَ الخطيبُ: ((والذي نستحبُّهُ أنْ يَرْوِيَ الْمُحَدِّثُ لكلِّ أحدٍ سأَلهُ التحديثَ، ولا يمنعُ أحداً من الطلبةِ)) . وقولي: (أو أنْ تَقُمْ) أي: في حالِ قيامِكَ، فإنَّهُ معطوفٌ على الحالِ التي قَبْلَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015