وإنّما أرادَ أنْ يُغيِّرَ اسمَهُ ليقبلوا خبرَهُ، يجبُ أنْ لا يُقبلَ خَبرُهُ، وإنْ كانَ هو يعتقدُ منهُ الثقةَ فقدْ غَلَطَ في ذلكَ؛ لجوازِ أنْ يَعْرِفَ غيرُهُ مِنْ جِرْحهِ ما لا يَعرفُهُ هو، فإنْ كانَ لصِغَرِ سنِّهِ، فيكونُ ذلكَ روايةً عن مجهولٍ، لا يجبُ قبولُ خَبَرِهِ حتَّى يعرفَ مَنْ رَوَى عنهُ.
وقوله: (واستصغاراً) ، منصوبٌ بكانَ المحذوفةِ، أي: ويكونُ استصغاراً وإيهاماً للكثرةِ، وقوله: (وكالخطيبِ) أي: وكفعلِ الخطيبِ.
وقولُه: (والشافعيُّ أثبتَهُ) أي: أصلُ التدليسِ لا هذا القسمُ الثاني منه. قالَ ابنُ الصلاحِ: والحكمُ بأنَّهُ لا يُقبلُ من المدلِّسِ حتَّى يُبَيِّنَ، قد أجراهُ الشافعيُّ (، فيمَنْ عرفناهُ دلَّسَ مرّةً. وممَّنْ حكاهُ عن الشافعيِّ البيهقيُّ في " المدخلِ ".
وقولُهُ: (قلتُ: وشرُّها أخو التسوية) . هذا هو القسمُ الثالثُ من أقسامِ التدليسِ الذي لم يذكرْهُ ابنُ الصلاحِ - وهو تدليسُ التسويةِ - وصورتُه أنْ يرويَ حديثاً عن شيخٍ ثقةٍ، وذلكَ الثقةُ يرويه عنْ ضعيفٍ عن ثقةٍ، فيأتي المدلِّسُ الذي سمعَ الحديثَ من الثقةِ الأولِ، فيُسقطُ الذي في السندِ، ويجعلُ الحديثَ عن شيخِهِ الثقةِ عن الثقةِ الثاني، بلفظٍ محتملٍ، فيستوي الإسنادُ، كلُّهُ ثقاتٌ. وهذا شرُّ أقسامِ التدليسِ؛