لأنَّ الثقةَ الأولَ قدْ لا يكونُ معروفاً بالتدليسِ، ويجدُهُ الواقفُ على السندِ كذلكَ بعدَ التسويةِ قد رواهُ عن ثقةٍ آخرَ فيحْكَمُ له بالصحةِ، وفي هذا غرورٌ شديدٌ. وممَّنْ نُقِلَ عنه أنَّهُ كان يفعلُ ذلكَ: بقيّةُ بنُ الوليدِ، والوليدُ بنُ مسلمٍ. أما بقيةُ، فقال ابنُ أبي حاتمٍ في كتاب " العلل ": سمعتُ أبي، وذكرَ الحديثَ الذي رواهُ إسحاقُ بنُ راهويهِ، عنْ بقيةَ، حدّثني أبو وَهْبٍ الأسديُّ، عن نافعٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ حديث: ((لا تحمدوا إسلامَ المرءِ حتى تعرفوا عقدةَ رأيِهِ)) . فقال أبي: هذا الحديثُ له أمرٌ قَلَّ مَنْ يفهمُهُ، رَوَى هذا الحديثَ عبيدُ الله بنُ عمرٍو، عن إسحاقَ بنِ أبي فروةَ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ (. وعبيدُ الله بنُ عمرٍو كنيته أبو وَهْبٍ وهو أسديٌ. فكناهُ بقيةُ ونسبَهُ إلى بني أسدٍ لكي لا يُفطَنَ له. حتى إذا تُرِكَ إسحاقُ بنُ أبي فروةَ من الوسط لا يُهتدى له. - قال -: وكان بقيّةُ مِن أفعلِ الناسِ لهذا.
وأمَّا الوليدُ بنُ مسلمٍ فقال أبو مُسْهِرٍ: كانَ الوليدُ بنُ مسلمٍ يحدّثُ بأحاديثِ الأوزاعيِّ عن الكذابينَ، ثم يدلّسُها عنهم. وقال صالحٌ جَزَرَةُ: سمعتُ الهيثمَ بنَ