ثم قال رحمه الله تعالى: (ويزيده وضوحاً ما صرحت به السنة في هذا من الكلام الكثير البيِّن الواضح للعامي البليد، ثم صار هذا أغرب الأشياء، وصار العلم والفقه هو البدع والضلالات) .
قوله: (ويزيده وضوحاً -أي: يزيد هذا الأصل وضوحاً وبياناً- ما صرحت به السنة في هذا من الكلام الكثير البيِّن الواضح للعامي البليد -أي: الذي ضعف إدراكه وقلّ ذكاؤه- ثم صار هذا أغربَ شيءٍ -يعني: أغرب الأشياء- وصار العلم والفقه هو البدع والضلالات] ، وهذا من الانحراف الكبير، فإن العلم واضح، وهو العلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح، وما عداه فهو جهل، بخلاف الحال في كثيرٍ من الأحيان، حيث يعد تشقيق الكلام بما لا يدل عليه الكتاب والسنة وتفريعه بما يحصل به قسوة القلب هو العلم، وإذا ذكَّرهم الإنسان بقول الله، أو بقول رسوله صلى الله عليه وسلم قالوا: هذه ظاهرية، وهذا جمود على النصوص، وهذا كذا وكذا وخلعوا عليه من الألقاب والأوصاف ما يزهد الناس في الإقبال على الكتاب والسنة، وما يجرِّئُهم على الوقوع في البدعة والدعوة إلى الضلالة، وهذا منعطف خطير، ومسلك يجب على المؤمن أن يحذر منه؛ فإنه لا يحصل كمال الإيمان ولا تمام الانقياد للنبي صلى الله عليه وسلم إلاَّ بالتسليم بالنصوص، فبقدر ما مع الإنسان من تعظيم الوحيين والعمل بهما يكون حظه ونصيبه من العلم والعمل به، ومن المهم لنا نحن -طلبةَ العلم ومن يشتغل بطلب العلم- أن نعرف ونتلمس صفاتِ العلم النافع، ولذلك ينبغي علينا أن نجمع صفات العلم النافع من خلال الكتاب والسنة وكلام السلف؛ لأن في ذلك من الإشارات إلى العلم النافع ما ينبغي لنا أن نقف عليه، حتى نعرف ما الذي ينفع فنأخذه ونُقبِل عليه، وما الذي لا يدخل في إطار العلم النافع فنشتغل بغيره عنه؛ لأن العلم كثير.