يجزى بمثل عمله قال تعالى: {وَمَن جَاء بِالسَّيّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [الأنعام:160] وهذا من كمال عدل الله وفضله وإحسانه، واستدل الشيخ لذلك بقوله تعالى: {لِيَجْزِىَ الَّذِينَ أَسَاءوا بِمَا عَمِلُوا} أما المحسنون فقال الله تعالى: {وَيِجْزِى الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم:31] فهم يجزون بأفضل مما عملوا، وبأكثر من أعمالهم، والحسنى (فعلى) بمعنى: الأحسن، كما قال سبحانه وتعالى: {وَالَّذِى جَاء بِالصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِى عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِى كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الزمر:33 - 43]، هذا الشاهد: {بِأَحْسَنِ الَّذِى كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
يقول الشيخ رحمه الله: (وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين) بعد ما ذكر الشيخ من أصول الإيمان البعث والحساب والجزاء؛ ذكر أصلاً آخر من أصول الإيمان وهو الإيمان بالرسل.
فالله أرسل الرسل لقطع العذر وإقامة الحجة حتى لا يقول قائل: {لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا} [طه:134]، فهم مرسلون ليبشروا من أطاعهم بوعد الله وثوابه وكرامته وينذروا من عصاهم بالعقاب.
(والدليل قوله تعالى: {رُّسُلاً مُّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165].).
(و) هؤلاء الرسل (أولهم نوح عليه السلام، وآخرهم محمد - صلى الله عليه وسلم -) بعث الله نوحاً إلى قومه وهم أهل الأرض إذ ذاك لما حدث فيهم الشرك، فأقام فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً وهو يدعوهم، ثم أوحى الله إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، قال تعالى: {وَأُوحِىَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ ءامَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [هود:36]. وقال سبحانه وتعالى: {وَمَا ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} [هود:40].