وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالامْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54]) فهو خالق هذه العوالم، وله الأمر، فهو الذي يدبر هذه العوالم بأمره سبحانه وتعالى.
ومعرفة العباد ربهم بآياته معرفة عقلية؛ لأن من ينظر في هذه الآيات ويتدبرها؛ يدرك أن لها خالقاً، وأن الذي خلقها حكيم وعليم وقدير وعظيم سبحانه وتعالى.
والطريق الثاني لمعرفة الله هو: الوحي الذي بعث الله به رسله، فنعرف ربنا بأسمائه وصفاته بما بيَّن لنا في كتابه، ومنها أنه {هُوَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِاء الْمُصَوّرُ لَهُ الاسْمَاء الْحُسْنَى} [الحشر:23،24]، هذا تعريف من ربنا لنا بطريق الوحي والشرع، فالله عرَّف عباده بنفسه بآياته الكونية وهي المخلوقات، وبآياته الشرعية وهي آيات القرآن.
يقول الشيخ رحمه الله: (والرب: هو المعبود). والرب الخالق لكل شيء المربي لعباده بنعمه هو المستحق للعبادة سبحانه وتعالى.
(والدليل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِىْ خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الارْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا للَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:21 - 22]). فأمر الله سبحانه وتعالى جميع الناس أن يعبدوه ويتركوا عبادة ما سواه، وهذا هو معنى "لا إله إلا الله "، وذكر سبحانه وتعالى المعاني المقتضية لعبادته وهي: أنه خالقهم وخالق آبائهم وخالق السماوات والأرض، وهو الذي ينزِّل الغيث ويخرج الأرزاق، ومَن هذا شأنه فهو المستحق للعبادة، فقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} هذا يتضمن إثبات العبادة لله، وقوله: {فَلاَ تَجْعَلُوا للَّهِ أَندَاداً} [البقرة:22] يتضمن نفي إلهية من سوى الله؛ لأنه تعالى لا ند له.