من هو المدعي؟ ومن هو المدعى عليه؟ لو التبس الأمر على القاضي، ولم يميز بين مدعٍ ومدعى عليه، فربما قال للمدعي: تحلف؛ ولهذا يتفق العلماء على أن التفريق بين المدعي والمدعى عليه هو أساس القضاء؛ حتى يستطيع القاضي أن يميز بين من يطالب بالبينة، ومن يوجه إليه اليمين.
والتفريق بين المدعي والمدعى عليه أن المدعي هو من إذا ترك ترك مع السلامة، والمدعى عليه لا يترك، بل يطالب ويطارد، والتعريف العلمي للمدعي هو: من ادعى شيئاً على خلاف الأصل، والمدعى عليه هو: من كان معه البراءة الأصلية.
مثلاً: لو ادعى رجل على آخر ألف ريال، فذمة هذا الشخص غير مرتبطة بشيء، ومعها البراءة من هذه الدعوى.
وهذا الذي يدعي الألف يدعي خلاف الأصل؛ لأن الأصل عدم شغل الذمة بحق الآخرين، فحينئذ لو أن القاضي قال لهذا: هات البينة! وقال: ما عندي، ثم قال له: احلف! فسيحلف؛ لأنه ما جاء يدعي إلا وهو مستعد لأن يأكل، فجانب المدعي دائماً أضعف من جانب المدعى عليه، كما يقولون: المدعى عليه بريء حتى تثبت إدانته.
قد يقول المدعي: ما عندي بينة، جاءني منتصف الليل، وقال: أنا ظروفي الآن قاسية، أعطني ألف ريال فقال: نكتب سنداً، فقال له: ليل وما عندنا كاتب، فقال له: الله وكيلنا، خذ الألف واذهب، ومن الغد جاء وقال له: ليس بيننا شهود ولا كتابة، فاذهب اشتكي بي أينما تريد! فحينما يعجز هذا عن البينة، نقول لهذا المدعى عليه: يمين الله.