هذا الباب -أيها الإخوة- تجب العناية به، وقد حمّل النبي صلى الله عليه وسلم كل فرد مسئوليته، فذو السلطان في سلطانه، وذو الرعية في رعيته.
وفي آخر المطاف: (فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) ، وفي رواية: (وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان) ، ولا يتساءل الإنسان: أغيّر المنكر بقلبي؟ وماذا سيؤثر على صاحب المنكر بتغييره في قلبه؟ المعنى: أن تنكر ذلك وتستنكر فعله، لا أن ترضى به وتركن إليه، ويقول العلماء: أثر ونتيجة تغيير المنكر بالقلب، أن استنكاره وعدم الرضا به، يجعلك في نفسك لا تأتي به وقد استنكرته من غيرك.
ويقولون: سأل رجل عيسى عليه السلام: من أين لك هذا الأدب الرفيع، وأنت لا أب لك يؤدبك؟ قال: أرى الحسن فأستحسنه وأفعل مثله، وأرى القبيح فأستقبحه وأتركه ولا آتيه، فالعاقل يرتاح.
إذاً: أول درجات التحصيل في إنكار المنكر بالقلب: هو الصيانة والبعد عن فعله.
ثانياً: حينما تستنكر الفعل بقلبك يظل إنكار المنكر قائماً، لكنه دفين كامن ولعلك تنقل هذا الإحساس إلى من يقدر أن يغيره بلسانه أو بيده، أو تظل أنت على علم حامل لهذا الأمر، ولعلك أن تتمكن في وقت من الأوقات فتغير هذا المنكر بالدرجات الأخرى: باللسان، أو باليد.
إذاً: إنكار المنكر بالقلب إبقاء لهذا المنهج حتى لا يضيع ولا يندثر عند الناس.
قال: (أمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة) ، ومن المعروف ما يتعلق بالأمور المادية مثل إطعام الطعام، والنفقة على الأولاد، والنفقة على الزوجة، كما قال صلى الله عليه وسلم لـ سعد: (واللقمة تضعها في فِي امرأتك صدقة) .