أحب أن أنبه على بعض المواقف لبعض الشراح لهذا الحديث، يقول: إنه ليس هناك قول يقال: كن، ولكن تقدير ما يمكن في زمن كن، ويكون المراد: إذا تعلقت الإرادة بالمراد حصل.
وهذه زلة اعتزالية، يريدون بها أن ينفوا عن المولى سبحانه قوله: (كُنْ) ، بل المولى سبحانه له صفة الكلام وهي صفة قديمة أزلية، أزلية الصفة متجددة الحدوث، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ؛ لأنه بكلماته يأمر هذا فيتسلط على هذا، وينهى ذاك فيكف عن إيذاء ذاك، وكذلك في الحديث: (إذا كان ثلث الليل الأخير ينزل ربنا إلى سماء الدنيا فيقول) ، هل يقول بالإرادة أو يقول كما قال سبحانه؟ نقول: كما قال الله، كيف يقول؟ كيف يتكلم؟ هذا ليس لك ولا يحق لك أن تتساءل عن ذلك؛ لأنك تصف الله بما وصف به نفسه على مراده وعلى حد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] .