(حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً) ، أي: فتخلقوا بأخلاق الله، وبصفات الله، ثم جاء بعد ذلك: إفاضته نعمه على العبد، وتحريم الظلم نعمة كبرى، لو أن الله ترك ذلك لعباده لكان القوي يأكل الضعيف، وكانت أكبر نقمة على المجتمع، لكن الله يحجبهم ويمنعهم عن الظلم، فهي نعمة كبرى، الأمم التي لا تدين بأديان، والعرب عندما كانت في الجاهلية كانت تقول: من عز بز ومن غلب اغتنم.
الآن في الوقت الحاضر، الأمم المتسلطة هي القوية، الدولة الضعيفة الآن لا حول ولا قوة لها إلا بالله، اللغة التي تفهمها الأمم هي لغة القوة، لأنه ليس المقياس دينياً بخلاف الإسلام دين الله، ففيه العدالة، والرحمة، والرأفة، والصلة، والمساعدة، فأول نعمة من نعم الله على الأمة في هذا الحديث أنه حرم الظلم، وإذا ارتفع الظلم جاءت العدالة, وإذا وضع ميزان العدل في الحياة استقرت ووجد الأمان والطمأنينة وسعد الناس في ظلها.
حرم الظلم، ثم هدى من ضلال، ثم أطعم من جوع، ثم كسى من عري، ثم غفر ما كان من ذنب، فماذا تريدون فوق هذا؟! من الذي سيأتي بشيء آخر؟ ماذا بقي من مطالب الخلق؟ بقيت الجنة، إن شاء الله إذا جاءوا إلى الجنة وجدوا أبوابها مفتوحة.
ثم يبين غناه المطلق، وأن عطاءه فضل محض منه سبحانه، ويقول للعباد: أنتم لا تقدرون على ضري، ولن تستطيعوا نفعي، وأنا مستغن عنكم، ثم يأتي يبين غناه وسعة فضله، فكأنه يقول: التجئوا إليه واطلبوه.
ثم ختاماً لهذا العرض الكامل: دعاكم للاستغفار وأنتم مخطئون ومحتاجون للاستغفار، فالخطأ من لوازم البشر؛ لأن الإنسان ليس معصوماً، وأفراد البشر المعصومون هم الرسل لأدائهم الرسالة، ليكونوا نموذجاً كاملاً في البشر لما يمكن أن يصل إلى درجة الكمال في الإنسان، وما عدا ذلك فهم يخطئون.