قال صلى الله عليه وسلم: (كل الناس يغدو ... ) ، ولم يقل: كلكم، أو كل مسلم، بل عمم كل الناس، مسلمهم وكافرهم، مؤمنهم ومنافقهم.
وكلمة الناس من: ناس ينوس، أي: تحرك، وسمي الناس ناساً لأنهم يتحركون، والنواس الحركة والصوت.
(يغدو) .
أي: يصبح مبكراً من الغدوة؛ لأن الغدو أول النهار وآخره العشي: {بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الأعراف:205] ، كل شخص يغدو من الصباح مبكراً.
(فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) : إذا جئنا إلى هذه الجملة الختامية من هذا الحديث نجده يجعل الإنسان سلعة في سوق الحياة، وتأتي هذه الجملة بعد حجية القرآن، ولو أردنا أن نقف على معناها، فلنرجع إلى أول المصحف لنرى كم قسم المولى سبحانه الناس، فبعد ذكر المسألة العظيمة في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] ، والرفقة الكريمة: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:7] ، والابتعاد عن طريق الكافرين: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:7] ، نجد أن الناس -كما في أوائل سورة البقرة- ثلاثة أقسام، فهو حجة لقسم، وحجة على قسمين، وبيان ذلك على النحو الآتي: