في غزوة أحد حينما اصطف الفريقان، خرج من المشركين من يطلب المبارزة، وكان منهم ابن أبي بكر الكبير رضي الله تعالى عنه، فقال: من يبارز؟ فأول من نهض ليبارزه أبوه: أبو بكر رضي الله تعالى عنه، فأمسك به رسول الله وقال: (أبق علينا نفسك يا أبا بكر!) .
وأشرنا إلى ما كان في معركة القادسية، عندما ذهب رجل يطلب ابن عمه في الجرحى ومعه الماء، فلما وجده دفع إليه قدح الماء ليشرب، فسمع الجريح أنيناً، فقال: اذهب بالماء إليه لعله أحوج إليه مني، فذهب إليه فسمع أنين شخص ثالث، فقال: اذهب بالماء إليه لعله أحوج إليه مني، فلما وصل إلى الثالث وجده قد مات، ثم رجع إلى الثاني ووجده قد مات، ثم رجع إلى ابن عمه فوجده أيضاً قد مات، يموت الثلاثة وكل يؤثر صاحبه على نفسه، ويبقى الماء في القدح! هذه حقيقة الأخوة في الله، وأشرنا إلى أثر الإيمان بين الجماد والمؤمن في قصة العلاء بن الحضرمي، حين أقسم على البحر أن يجمد ليعبر عليه حتى يقاتل العدو، فجمد الماء وقاتل الأعداء وانتصر، إلى غير ذلك من آثار الأخوة في الله.
وأشرنا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة كان فيها تيارات مختلفة، وعقائد متنوعة، ما بين قلة مؤمنة، وكثرة مشركة، وبعض المنافقين واليهود، واستطاع النبي صلى الله عليه وسلم بنور النبوة وحكمتها أن يشق طريق الإسلام بين تلك الطوائف الأربع.