إذاً: لا ينبغي لولي أمر المسلمين، ولا لطالب علم، ولا لمتقدم للدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يتتبع عورات الناس، وإنما يكلهم إلى الله.
جاء عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: (أنه رأى رجلاً مسرعاً، فقال له: ما لك؟ قال: جاري يشرب الخمر في بيته، وأنا ذاهب إلى صاحب الشرط لأشتكيه، قال: هل نصحته، قال: لا، قال: اذهب إليه أولاً فانصحه) .
وهكذا: يروى عن أحمد رحمه الله أنه سئل: إذا نهيت جاري عن منكر يفعله فلم ينته، هل أستعدي عليه الحاكم؟ قال: لا.
مهمتك أن تنصحه وتنهاه، ما دام مستتراً ليس لك عليه سبيل، دعه في شأنه، لعل الله يهديه، وحاول بنصحك له، والتلطف معه، لعل الله يرحمه، أما إذا جاهر صاحب المنكر وأظهر منكره، فهذا كان في ستر الله فهتك الستر عن نفسه، وأصبح مرتكباً جرمين: جرم المنكر الذي يفعله، وجرم الاستهانة بإحساس المجتمع، ونشر الرذيلة على غيره، فهو كمورد الرذائل للمجتمع، فهذا أصبح بؤرة فساد وإغواء، فلا يترك، وعلى كل فرد من الأفراد أن يرفع أمره إلى الحاكم، ولا ينتظر من هو معين أو مسئول عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا نُصح فلم ينتصح، ووُعظ فلم يتعظ، وأصبح يجاهر ويستهتر، ويفعل المنكر غير مبال، فهذا لا حرمة له.
إذاً: (وحسابهم على الله) فيما هو بينهم وبين الله، أما إذا كشف صفحته فهذا شيء آخر، وقد جاء في الحديث: (من ابتلي منكم بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فمن كشف لنا صفحته أخذناه بفعله) إذاًَ ما دام يعصي الله سراً فلعل الله سبحانه وتعالى أن يتوب عليه.