المؤلف أول من يستفد من تأليفه، ولو لم يستفيد من تأليفه إلا قال -رحمه الله تعالى-، قال -رحمه الله تعالى-، مع أنه هداية ودلالة وإرشاد الناس إلى الحق، وكم من إنسان على مر القرون استفاد من صحيح البخاري؟ وكم من عالم وإمام استفاد أي فائدة من صحيح مسلم؟ المسألة لا شك أن التأليف له شأن عظيم. يعني في معارض الكتب عندنا تدخل المعرض أسبوعاً كاملاً، تتردد عليه ما تجد من يقول: فلان -رحمه الله- وهو من الأئمة الكبار سواء كان من المتقدمين أو من المعاصرين، لنا شيوخ ما ألفوا ما يعرف منهم انتهوا، يعرفهم طلابهم، وطلاب طلابهم، وجيل جيلين ثم ينتهون، لكن هناك شباب من طلاب العلم ألفوا وما شاء الله هذا كتاب فلان -جزاه الله خيراً- الله يوفقه، ما شاء الله كان، والناس تمر وتمشي وتقلب وكل يدعوا له، فضلاً عمن يقرأ ويستفيد من هذا الكتاب وينتفع به، ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله، وليس معنى هذا أن الإنسان يبادر بالتنصيف قبل أن يتأهل، أو يصنف ليقال مكثر، أو مؤلف هذا -نسأل الله العافية- وبال على صاحبه، وهذا يدخل دخولاً أولياً في حديثنا الذي معنا.
طالب العلم إذا كان يطلب العلم ليقال: طالب علم، أو ليقال: عالم، هذا من أخسر الناس صفقة
ومن يكون ليقول الناس يطلبه ... أخسر بصفقته في موقف الندم
فعلى الإنسان أن يطلب العلم مخلصاً في ذلك لله -جل وعلا-، وعليه أيضاً أن يعلم متى تأهل، وأن يؤلف متى تأهل، ولا يكون قصده إلا ما يقربه إلى الله -جل وعلا-، ما يتقرب به إلى الله -جل وعلا- مخلصاً في ذلك.
"إمام المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري" بردزبة أعجمي، والمغيرة هذا أسلم على يد اليمان الجعفي، فقيل للبخاري: الجعفي مولاهم -يعني بالولاء-؛ لأن جده المغيرة أسلم على يد اليمان الجعفي جد عبد الله بن محمد المُسندي شيخ البخاري، فالجد أسلم على يد الجد، نعم، البخاري نسبة إلى بخارى ولد بها، ومات بقرية يقال لها: خرتنك سنة ست وخمسين ومائتين.