قال: ((أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به)) يعني تتصدقون به، والتاء محذوفة هنا، وهي معلومة كما في تظالموا، تتظالموا أصلها.

((أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به، إن بكل تسبيحة صدقة)) تسبيحة صدقة منك على نفسك، صدقة منك على نفسك؛ لأنه يثبت بها الأجر العظيم، كما يثبت الأجر بدفع الأموال والصدقات.

((وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة)) الباقيات الصالحات، ولا يضرك بأيهن بدأت، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، غراس الجنة، لك في كل جملة شجرة في الجنة، ولك بها صدقة على نفسك، أنت الآن تتصدق على نفسك بهذا الكلام الذي لا يكلفك شيئاً، والذكر فوائده أكثر من أن تحصى، ابن القيم أحصى ما يقرب من مائة فائدة في مقدمة الوابل الصيب، وفي الذكر من الفوائد أكثر من ذلك.

((وأمر بالمعروف صدقة)) الأمر بالمعروف صدقة على نفسك وعلى غيرك، يعني إذا كان التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير صدقة منك على نفسك؛ لأن نفعه قاصر لك، وفيه أيضاً نفع متعدي، وإن لم يدركه الناس، قد يقول الإنسان: أنا أصلي، أقوم الليل، هذا نفعه قاصر، نقول: لا، فيه نفع متعدي لغيرك، لمجتمعك، لأمتك؛ لأن الله يدفع بعبادتك ويدفع بدعائك عنك وعن غيرك، فالأمور تبدو قاصرة وهي في حقيقتها متعدية.

يأتي شخص لمن عنده قدرة لنفع الناس، يأتي إليه وهو يصلي أو يقرأ القرآن أو يذكر الله يقول: قم يا أخي ما هذا وقته، النفع المتعدي أفضل، اترك القرآن، اترك الصلاة لوقت غير هذا، نقول: لا يمكن أن يستعين على هذا إلا بهذا، فلا بد أن يضرب من جميع أبواب الخير بسهم، لا يمكن أن ينفع الناس إلا إذا أحسن ما بينه وبين ربه، وصدق في عبادة ربه، يستعين بهذا على هذا، فلا يقال: إن هذا نفع قاصر، مفضول، وهذا نفع متعدي أفضل، اترك القاصر ما هو بصحيح هذا، بل افعل هذا وهذا، وفي أركان الإسلام ما يدل، أو ما يخرم هذه القاعدة، الصلاة نفعها قاصر، يعني في رعف الناس وعرف أهل العلم، والزكاة نفعها متعدي، وأيهما أفضل الصلاة وإلا الزكاة؟ الصلاة بلا إشكال قولاً واحداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015