((ونهي عن المنكر صدقة)) ترى أخاك مقصراً في شيء فتحثه عليه، وتأمره به، تراه يرتكب مخالفة تكفه عنها، وتنهاه عن ذلك، صدقة منك على نفسك وعلى غيرك.
((وفي بضع أحدكم صدقة)) كل ما تقدم متصور عند الناس، التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه واضحة أنها صدقات، وواضحة أنها مما يبتغى بها وجه الله، لكن ماذا عن جماع الرجل امرأته؟ قال: ((وفي بضع أحدكم صدقة)) تعجب الصحابة الإنسان يأتي إلى ما يحتاجه ويتلذذ به ويكون له أجر، يعني إذا شرب الإنسان الماء هل يؤجر عليه؟ هل نقول: يمكن ما شربت ماء شربت خمر؟ لا يلزم، قد لا تشرب الماء، لكن لا يمكن تشرب الخمر، لكن هذه الغريزة الدافعة القوية إما صرفتها بالحلال انصرفت في حرام.
((وفي بضع أحدكم صدقة)) قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: ((أرأيتم)) يعني هذا لو شرب الماء ليتقوى به على العبادة، أكل الأكل ليتقوى به على الطاعة، نام ليستعد لوظائف اليوم اللاحق، كل هذا يؤجر عليه بالنية الصالحة.
قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجراً)) رواه مسلم.
هذا من باب القياس، قياس العكس، يعني لو أن الإنسان .. ، عندنا حلال وعندنا حرام، إذا عدل عن الحرام إلى الحلال يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- قاس الحلال بالحرام قياساً عكسياً، فإذا جامع زوجته أو أمته التي تحل له كان له أجر، قياساً عكسياً على استعمال الحرام، يعني لو أن إنساناً تعامل بالبيوع معاملات شرعية، يبيع مع الناس على وجه شرعي، وإن لم يبع معهم ويتعامل معهم على الوجه الشرعي اضطر إلى أن يتعامل بمعاملات غير شرعية من ربا وغش وخداع وغرر، فكونه ينشغل بما شرعه الله -جل وعلا- عن الحرام فيستحضر هذه النية الصالحة يؤجر عليها أجراً عظيماً، ومن أهل العلم من يقول: إنه رتب الأجر على مجرد الوطء، ما في حاجة أن تنوي به أنك تنصرف به عن الحرام، لكن إن نويت ذلك فالأجر أعظم.