التقوى والله -جل وعلا- يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن: 16] الحديث ما فيه تقييد بالنسبة لاجتناب النواهي بالاستطاعة، فهل في النواهي ما لا يستطاع؟ لأن من الناس من لا يستطيع الثبات أمام بعض المعاصي، هل نقول أن هذا مثل ما جاء من قيد في اتباع الأوامر؟ الحديث ما فيه قيد فيه جزم ما فيه، {فاجتنبوه} من غير تقييد بالاستطاعة, لكن التقوى وهي فعل الأوامر واجتناب النواهي {اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} الآن الآية فيها معارضة مع الحديث أو ما فيها معارضة؟ يعني عموم التقوى يشمل فعل الأوامر وترك النواهي, وكلاهما المعبر عنه بالتقوى معلق بالاستطاعة, والحديث ليس فيه التقييد بالاستطاعة بالنسبة لاجتناب النواهي, فهل نقول: إنه لا يعذر أحد في ارتكاب المحرم؟ اللهم إلا مع الإكراه, والمراد بالإكراه الإكراه الخارجي, وإلا قد يوجد إكراه داخلي تكرهه نفسه الأمارة بالسوء وشيطانه يلجئانه إلى ارتكاب هذا المحرم، لكن ليس هذا هو الإكراه المنصوص عليه بما استكرهوا عليه {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [سورة النحل: 106] هذا لا بد أن يكون المكره أمر خارجي، القيد: ((ما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم)) والتفريق بين الأوامر والنواهي ظاهر, باعتبار أن النواهي مطلوبة الترك، والترك لا يحتاج إلى أن يقيد بالاستطاعة لا يعجز عنه أحد، وإن كان فيه عسر على كثير من الناس, لكن ليس فيه عدم استطاعة منهي عن شرب الخمر يستطيع أن يترك الخمر, ما في أحد يقول إنه لا يستطيع أن يترك الخمر، مأمور بترك الزنا, أو منهي عن مباشرة الزنا، ولا في أحد يقول إنه مكره على الزنا بغير إكراه خارجي على الخلاف بين أهل العلم في إمكان الإكراه على الزنا بالنسبة للرجل، فما يطلب تركه هذا لا يعجز عنه، وما يطلب إيجاده وفعله هذا يتصور العجز عنه ولذا قال: ((فافعلوا منه ما استطعتم)) , وإن كان العموم النواهي والأوامر داخلة في مسمى التقوى، والتقوى معلقة بالاستطاعة، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن: 16] لو تذرع شخص قال: أنا لم أستطع أن أملك نفسي عن هذه المعصية والله -جل وعلا- يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015