الاسترسال إلى الأمور المحرمة، إن الحلال بين وإن الحرام بين، وإن الحرام بين كذلك الحرام الذي دلت النصوص الصحيحة الصريحة على تحريمه هذا لا يختلف فيه الناس، يعني: هل يتخلف الناس في تحريم الخمر كما يختلفون في تحريم الدخان مثلاً؟ الخمر دلت النصوص القطعية الصريحة على تحريمه، بينما الدخان لا سميا في أول اكتشافه تردد بعض الناس في حكمه, ثم بعد ذلك لم اكتشف من الناحية الطبية الضرر العظيم المترتب على شربه جزم أهل العلم بتحريمه، وهكذا قد يكون الشيء في أول أمره مما يشك فيه فيكون من نوع المشتبهات ثم بعد ذلك ينتقل إلى نوع المحرمات أو المباحات حسب ما يتبين لأهل العلم من حقيقته هذا بالنسبة لذات المحرم، وقد يكون الحلال بين ظاهر في أول الأمر ثم بعد ذلك يكتشف فيه ما يضر أو العكس، قد يتخوف الناس من شيء يرون ضرره ثم بعد ذلك يطمئن الناس من الناحية الطبية أنه لا ضرر فيه, فينتقل من كونه مشتبهاً إلى كونه مباحاً, أو العكس، ((وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات)) وفي بعض الروايات: ((مشبهات))، وفي بعضها: ((متشابهات)) وهنا: ((مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس))، هذه الأمور المشتبه المترددة بين النوع الأول وبين النوع الثاني هذه يخفى أمرها على كثير من الناس، لا يعلمها كثير من الناس مفهوم ذلك أنه يعلمها أيضاً كثير من الناس، إذا كان الحلال البين يعلمه جميع الناس، والحرام البين يعلمه جميع الناس, فهذه المشتبهات لترددها بين النوع الأول, والنوع الثاني يخفى أمرها على كثير من الناس, وأمرها ظاهر جلي على عند كثير من الناس، فمفهوم قوله: ((لا يعلمهن كثير من الناس)) مفهومه: أنه يعلمهن كثير من الناس أيضاً لأن الناس فيهم .... لكن لو كانت العبارة لا يعلمهن أكثر الناس، لقنا أنه يعلمهن القليل من الناس، لأن الكثير يقابله الكثير، كثير يقابله كثير، بينما الأكثر يقابله الأقل، ولا شك أن هناك مشتبهات لا يعلمهن إلا قليلٌ من الناس وذلكم لشدة الخفاء في هذه المشتبهات، يعني: قوله: ((لا يعلمهن كثير من الناس)) قالوا: مفهومه أنه يعلمهن كثير من الناس، يعني: هل المقابل الكثير هنا القليل، أو أنه يوجد كثير من الناس وبمقابلهم أيضاً كثير بخلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015