أبو حنيفة يقول: لا تأكل إلا بدليل، والشافعية ومن معهم كل حتى يرد الدليل على منعها، يوجد في بعض المركبات مركبات الأدوية مستخلصات أو أجزاء من بعض الحشرات أو بعض الحيوانات الصغيرة, وبعض الزواحف, وهذا كثير عندهم، وقد يوجد عندهم بكامله محنط ويستعمل في بعض الأدوية، وهو على ما يقولون مجرد لمرض كذا أو مرض كذا، أنت لا تجد نص يدل على الإباحة ولا ما يدل على المنع ففي محلات الأدوية في الشعبية والأعشاب والتداوي بها أمثله كثيرة، تجدون عندهم في أواني كبيرة كتنك مثلاً فيها من الزواحف البرية أشيا وأنواع تستعمل شيء للظهر, وشيء للبصر, وشيء للركب, وشيء أمور عندهم أشياء يكتبون عليها أن هذا نافع لكذا, وأن هذا نافع لكذا, وقد يستندون إلى بعض كتب الطب القديم، يعني: من خواص هذا الحيوان كذا، تجدون في حياة الحيوان الشيء الكثير لكن ما حكم استعمال هذا الحيوان في هذا الدواء؟ هل هو من المباح أو من المحظور؟ لأن الله لم يجعل شفاء أمتي محمد - عليه الصلاة والسلام - فيما حرم عليها، فكل على مذهبه أبو حنفية يقول لا تأكل الأصل المنع، وأنه لا يجود الانتفاع إلا بدليل، وغيرهم يقولون: انتفع حتى يجد الدليل المانع، وأيهما أحوط نعم؟ مذهب أبي حنفية أحوط في الأطعمة، في باب الأطعمة مذهب أبي حنفية أحوط، مع أنه في باب الأشربة غيره أحوط، غيره أحوط، إن الحلال بين، معلوم أن الحلال مستوى الطرفين الذي لا إثم في تناوله ولا إثم في تركه، مما دلت النصوص الصحيحة عليه صراحة هذا بين لا خفاء فيه لا أحد، فلا يتردد في تناوله إلا من باب أنه قد يجر إلى ما ورائه، قد يجر إلى ما ورائه فالاسترسال في المباحات يجر إلى المشتبهات, والاسترسال أيضاً في المشتبهات يجر إلى المحرمات على ما سيأتي في بقية الحديث، ولذا كان السلف - رحمهم الله تعالى - فيما يذكر عنهم أنهم يتركون كثير من الأمور المباحة خشية أن تجرهم إلى الأمور المحرمة، والنفس لها ضراوة على ما تعتاد، وقد تعتاد شيء مباحاً ثم تطلبه في وقت من الأوقات لا تجده إلا من طريق فيه شبهة أو فيه حيلة ثم بعد ذلك ترتكب بناء أن هذا ليس بمجزوم بتحريمه فيه شك فيه تردد, ثم إذا استرسل في هذا النوع جرها هذا