المصدر يأتي ويراد به اسم المفعول كالحمل يراد به المحمول، فكل من عمل شيئاً مما يتعبد به، ويتقرب به إلى الله -جل وعلا- فهو مردود عليه وهو آثم به، والرواية الأولى خاصة بمن يبتدئ العمل، والراوية الثانية رواية مسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) ولو سبق إليه، ولو سبق إليه فالرواية الأولى في رؤوس البدع الذين يخترعونها، والرواية الثانية شاملة لهم ولأتباعهم، فالذي يعمل البدعة المتوارثة من قرون يقول: ما أحدثت، من أحدث في أمرنا، أنا ما أحدثت عند شيوخنا، أو في كتبهم يعملون به من غير نكير، أنا ما أحدثت فلا أدخل في الحديث نقول: تدخل في الرواية الأخرى: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، ومقتضى الحديث ذم البدع كبيرها وصغيرها، والبدع أنواع:
منها: البدع المغلظة.
منها: البدع المكفرة المخرجة عن الملة.
ومنها: البدع الغليظة الكبرى وإن كانت لا تخرج عن الملة.
ومنها: البدع الصغرى وقد بينها الحافظ الذهبي في أوائل كتاب: "الميزان في ترجمة أبان بن تغلب" ذكر البدع الكبرى والبدع الصغرى.
فهذا الذي أحدث في الدين ما ليس منه فهو مبتدع، والبدع شر من الذنوب والمعاصي التي يعترف مرتكبها بالمخالفة؛ لأن هذا المبتدع يتدين بهذا، ويظن أنه يحسن صنعاً ومع ذلك هو خاسر عامل ناصب، عامل في الدنيا وخاسر في الآخرة -نسأل الله العافية-.
فعلى المسلم لا سيما طالب العلم الذي يعرف من النصوص ما يغنيه مما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- عن هذه البدع والمبتدعات، وألا يعبد الله إلا بما شرع، هذا مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته بما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع، ويوصي سلف هذه الأمة العمل بالأثر، والاقتصار على الخبر"من استطاع منكم أن لا يحك رأسه إلا بأثر فليفعل، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع"، والدين ولله الحمد أكمل في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- وليس بحاجة إلى مزيد {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمٌْ} [(3) سورة المائدة]، فالذي يبتدع في دين الله ما ليس منه لازم بدعته أنه يرى أن الدين ناقص، وهو يكمله بهذه البدعة.