ولاشك أن الابتداع كما هو نقص في الدين نقص في العقل، إذ كيف يشعر المرء نفسه بما لا يعود عليه نفعه في دنياه ولا في أخرته؟ ولا شك أن الاشتغال بالبدع على حساب السنن، فما أوحي بدعة إلا على حساب سنة، وجرب نفسك إذا اشتغلت بذكر لا أصل له، أو دليله ضعيف لا يثبت به، أختبر نفسك حاول أن تحفظ ذكراً صحيحاً سوف يصعب عليك جداً أن تحفظ من الأذكار الصحيحة وأنت مشتغل بالأذكار التي لا أصل لها، وحاول أن تعمل عملاً ثبت بالدليل الصحيح وأنت منشغل بعمل بما لا يثبت دليله، ولا شك أن هذا على حساب هذا، وكل ما بعد الإنسان على العمل الصحيح الثابت في الكتاب والسنة لا شك أنه يشغل نفسه بما لا يعود عليه نفعه في الدنيا ولا في الآخرة، وكما يقال: النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، ولا شك أن بعض الناس عندهم ميول إلى التعبد، فمثل هؤلاء عليهم أن ينشغلوا بما ثبت على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتجدون في أقطار الأرض من يتعبد بأمور يعرف الصبيان والجهال أنها باطلة، فكيف خفيت عليهم؟ لأنهم عملوا بأمور أخف منها لكنها لا أصل لها، ثم عوقبوا بما هو أشد منها، ثم عوقبوا بما هو أشد منها إلى أن وقعوا في المضحكات، يعني يذكر في طبقات الشعراني وغيره، وكرامات الأولياء المزعومة التي ألفها النبهاني والنابلسي وغيرهما يذكرون أشياء لا يفعلها ولا المجانين ممن تعتقد فيه الولاية، وأما بالنسبة لما تفوهوا به من أقوال فشيء لا يخطر على البال، يعني يذكر عن بشر المريسي أنه يقول في سجوده: سبحان ربي الأسفل -نسأل الله العافية-، هذه البدع يجر بعضها إلى بعض، يعني مجرد ما تفارق الأدلة الصحيحة الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- شيء يسير، لا شك أنك تستدرج إلى ما هو أعظم من ذلك.