Q نرجو شرح ما قاله أبو حاتم، فقد قال: مثل معرفة الحديث كمثل فص ثمنه مائة دينار، وآخر مثله على لونه ثمنه عشرة دراهم.
قال: وكما لا يتهيأ للناقد أن يخبر بسبب نقده، فكذلك نحن رزقنا علماً لا يتهيأ لنا أن نخبر كيف علمنا بأن هذا حديث كذب وأن هذا حديث منكر إلا بما نعرفه.
قال: وتعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره، فإن تخلف عنه في الحمرة والصفاء علم أنه مغشوش، ويعلم جنس الجوهر بالقياس إلى غيره، فإن خالفه في المائية والصلابة علم أنه زجاج، ويعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه، وأن يكون كلاماً يصلح مثله أن يكون كلام النبوة، ويعرف سقمه وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته، والله أعلم؟
صلى الله عليه وسلم هذه قضية الجهابذة النقاد في معرفة العلل، فالحديث الصحيح يقولون في تعريفه: هو ما روي بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلٍّ ولا شاذ.
والمعل هو الذي يكون له علة خفية قادحة يطلع عليها الجهابذة النقاد، وهم في معرفة الحديث مثل: الصيارفة النقاد لمعرفة الصحيح والمغشوش في النقود، أي: أنه متى نظر الإنسان فيه عرفه؛ لأنه أُعطي مراساً ومراناً ومعاناة، فتمكن بذلك من معرفته بالنظر إليه، فكذلك أولئك بكثرة اشتغالهم بالحديث وكثرة اطلاعهم عليه فإنهم يتبين لهم فيه من العلل الخفية غير الواضحة الجلية ما لا يطلع عليه كل أحد، فيكون من هذا القبيل، فعلماء الحديث الكبار يعرفون ذلك ويبينون العلل، ولهذا قالوا في آخر تعريف الصحيح: غير معلٍّ ولا شاذ.
والمعلّ هو الذي فيه علة خفية قادحة لا يطلع عليها إلا الجهابذة النقاد، الذين يماثلون النقاد الذين ينقدون الذهب والفضة ويعرفون الصحيح منهما من المزيف.