عادة الإمام النووي رحمة الله عليه أنه إذا ورد الصحابي لأول مرة فإنه يذكر كنيته، ولهذا قال هنا: عن أبي العباس، ويقال: إن الذين عُرفوا بكنية أبي العباس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان هما: عبد الله بن عباس وسهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنهما، فإن هذين الاثنين هما اللذان عرفا بالتكني بهذه الكنية، وعبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه من صغار الصحابة، وقد روى الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رووا من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يروه غيرهم كثرة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
ومعلوم أن رواية الصحابة للأحاديث إما أن يكونوا سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أنهم سمعوا ذلك من غيرهم من الصحابة ولم يسمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الصحابي إذا أضاف حديثاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم -سواء كان سمعه هو أو سمعه غيره- فإن ذلك مرفوع وثابت ومتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم.
وقد أخبر ابن عباس أنه كان خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون خلفه ماشياً، أو أن يكون خلفه راكباً رديفاً له صلى الله عليه وسلم، وقد خاطبه النبي عليه الصلاة والسلام بوصفه كغلام فقال: (يا غلام!) وقال: (ألا أعلمك كلمات!)، وهذا فيه التنبيه إلى أهمية ما سيلقى وما سيذكر بعد هذا الخطاب، وفي هذا حفز للهمة ولفت للانتباه حتى يعي السامع ما يلقى عليه.