Q هل تجوز مناصحة ولاة الأمر على المنابر أو الجرائد والمجلات وغيرها من المحافل العامة، حيث يستدل بعض الناس بفعل العز بن عبد السلام وكذلك فعل ابن تيمية مع جنكيز خان أو نائبه؟
صلى الله عليه وسلم أولاً كل إنسان يعرف من نفسه أنه لا يحب أن ينصح علانية، والحافظ ابن رجب ذكر في آخر الكلام عن هذا الحديث، قال: كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سراً حتى قال بعضهم: من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رءوس الناس فإنما وبخه، وقال الفضيل: المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير.
ويوضح هذا تماماً كون الإنسان ينظر إلى نفسه ويقيس الناس على نفسه، وأنه يحب أن يعامله الناس معاملة طيبة، فإذا كان هذا الإنسان الذي ينصح على المنابر إذا حصل منه خطأ لا يحب أن يتكلم عليه في حضرة الناس.
إذاً: فهو يعامل الناس مثل ما يحب أن يعاملوه به، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه)، لا يكون شأنه مثل المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون.
إذا كان الحق له يريد أن يصل إليه كاملاً، وإذا كان لغيره لا يعطيه إياه كما يحب أن يعطى هو، وكذلك الحديث الذي فيه: (إن الله ينهاكم عن ثلاث: عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات)، (منع وهات) يعني: يريد الشيء لنفسه ولكن لا يريد أن يعطيه لغيره.
فإذاً: النصح بهذه الطريقة لا يأتي بخير وإنما يأتي بشر، كما أن الإنسان نفسه لو أنه نصح على المنبر ما استفاد من هذه النصيحة بل عمل كل ما يمكنه في إدخال الأذى إلى هذا الناصح الذي فضحه على المنبر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.