أما النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم فالولاة يكون النصح لهم بالسمع والطاعة لهم بالمعروف، ويكون بدلالتهم على الخير والتعاون معهم على البر والتقوى، وإرشادهم إلى ما ينبغي إرشادهم إليه مما يحصل تنبيههم عليه ولفت أنظارهم إليه، وكذلك الدعاء لهم وترك الخروج عليهم ولو حصل منهم الجور، وكذلك تعليم الناس وتوجيههم إلى السنة الدالة على أنه يجب ويتعين مناصحة الولاة والدعاء لهم، وألا يخرج الإنسان عليهم، وألا يؤلب الناس عليهم، وألا يأتي بالأمور التي تهيج الناس عليهم وتفسد قلوبهم عليهم، وإنما يسعى لجمع القلوب عليهم والدعاء لهم وعدم الدعاء عليهم، وهذه طريقة أهل السنة والجماعة، ولهذا جاء عن الإمام أحمد رحمة الله عليه وعن الفضيل بن عياض رحمه الله أن كلاً منهما قال: لو كان لي دعوة مستجابة لجعلتها في السلطان؛ لأن السلطان إذا صلح يحصل بصلاحه الخير الكثير، وإذا فسد يحصل بفساده الشر الكثير.
يعني: يكون بصلاحهم إظهار أمر الدين وإظهار الشرع وقمع أهل الفساد وإقامة حدود الله، وإقامة شرع الله، ويكون الإحسان إلى الناس ووصول الخير لهم، فينبغي أن يدعو لهم المسلم بالصلاح والتوفيق والتسديد، وأن يمكنهم وأن يوفقهم الله عز وجل لكل ما فيه رفعة الإسلام وإعلاء شأن المسلمين، كل هذا من الأمور التي تجب للولاة على الرعية.
أما النصح لعامة المسلمين وهم الرعية يكون ذلك بإرشادهم وتعليمهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ودلالتهم على الخير، وأن يحب الإنسان لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله وباليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه) يعني: أن يعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به، فكما أنه يحب أن يعامل معاملة طيبة عليه أن يعامل الناس معاملة طيبة، ويدخل في ذلك تعليمهم وتوجيههم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والحرص على إيصال الخير إليهم، ودفع الأذى عنهم، فيصل إليهم خيره ويندفع عنهم ضرره، فيكون نصيبهم منه الفائدة والمصلحة مع سلامتهم مما يكون فيه من شر.