لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة)، بادر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسؤال لمن تكون النصيحة، وهذا يدلنا على حرصهم على معرفة الحق والهدى، وعلى معرفة السنن ومعرفة أحكام الدين، وذلك بسؤالهم النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم عن النصيحة لمن تكون؟ يعني: حتى يقوموا بالتمثيل والتطبيق للشيء الذي أظهر النبي صلى الله عليه وسلم عظيم شأنه بحصر الدين فيه وقصر الدين عليه، وهو النصيحة، قالوا: (لمن يا رسول الله؟) هذا يدلنا على عنايتهم وحرصهم، على معرفة الحق والهدى، وهذا هو شأنهم رضي الله عنهم وأرضاهم، فإنهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا حريصين على استيعاب ووعي ما يسمعونه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فيعنون في تعليم الدين ومعرفة أحكام الشرع؛ ليتعبدوا الله عز وجل هم بها ولينقلوها إلى غيرهم، وهم أخص الناس بالدعاء الذي دعا به الرسول صلى الله عليه وسلم لمن أخذ سنته وحفظها وأداها إلى من بعده حيث قال: (نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)، وهم الذين ظفروا بذلك أشد من غيرهم؛ لأنهم المباشرون لسماع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يكون من أقواله، وهم المشاهدون لأفعاله وحركاته وسكناته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله عنهم وأرضاهم.